حسام الشيخ يكتب: قانون سكسونيا

الأحد، 04 يوليو 2010 04:06 م
حسام الشيخ يكتب: قانون سكسونيا

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للوهلة الأولى، يبدو أن كلمة "سكسونيا" مفردة كوميدية، يستخدمها بعض الناس للتندر أو الاستخفاف، وحتى وقت قريب تخيلت أنها أحد المصطلحات المضحكة الساخرة التى استخدمها الفنان الكوميدى عادل إمام فى واحد من أفلامه عندما وقف مندهشاً فى المحكمة أمام القاضى الذى لم يمنح محامى المدعى (الفقير الذى ينتمى إلى العامة) فرصة كافية لإثبات واقعة قتل مع سبق الإصرار والترصد، قام بها ابن أحد وجهاء المجتمع الأغنياء، فى الوقت الذى فسح فيه المجال طويلاً أمام محام المدعى عليه ممثل الوجيه المنتفخ -أقصد الغنى- حتى أقنع القاضى ببراءة المتهم، حينها أعلن القاضى الحكم قائلاً: "حكمت المحكمة ببراءة المتهم من التهمة المنسوبة إليه، على أن يتحمل المدعى مصروفات الدعوة والمحاماة حسب قانون.. هنا استشاط (المواطن البسيط) عادل إمام غضباً لإحساسه الشديد بالظلم فقاطع القاضى ولم يمهله تكملة الحكم قائلا: "حسب قانون سكسونيا"، فما كان من القاضى إلا أن عنفه وحكم عليه بالسجن 24 ساعة تأديبا لمقاطعته قاض الجلسة وازدرائه حكم المحكمة.

يتجلى هذا السيناريو على أرض الواقع بشكل أكثر بشاعة ودون مواربة فى ولاية "سكسونيا" الواقعة فى الجزء الشرقى من ألمانيا، وهى إحدى أهم ولايات جمهورية ألمانيا الديمقراطية قبل الوحدة، حيث يعاقب المجرم هناك بقطع رقبته إن كان من طبقة الرعاع (عموم أفراد الشعب السكسونى)، أما إن كان المجرم من طبقة النبلاء (أصحاب المال والجاه)، فالمسألة تختلف تماماً، حيث يؤتى بالسيد المجرم حين يستطيل الظل، بعيد شروق الشمس مباشرة أو قبيل غروبها، ليقف شامخاً منتصب القامة مبتسماً ساخراً من السياف الذى يهوى بسيفه على رقبة ظله- لا رقبته طبعاً- فيما يصفق جمهور الرعاع الحاضرين فرحين بتنفيذ العدالة.. وأية عدالة.

وفى عالمنا- الذى أصبح أكثر تدهورا- تحول هؤلاء النبلاء والوجهاء أصحاب النفوذ والمال إلى دول قوية، وتحول الرعاع العامة إلى دول صغيرة وشعوب متخلفة مستسلمة مغلوبة على أمرها.. فيما بقى هذا القانون هو المخرج المناسب لكل جلاد يكيل بمكيالين، شاهراً سيفه الأعوج فى وجه الجميع وهو يهتف مترنحاً: "يحيا قانون سكسونيا".





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة