عندما فكرت فى كتابة هذا المقال سألت نفسى سؤالا مهما، هل أمتلك ضميرا؟ فكانت الإجابة من منطلق الذاتية والأنانية، نعم أمتلك ضميرا ثم كررت نفس السؤال على نفسى بصيغة أخرى هل أمتلك شجاعة الضمير فلم أستطع أن أرد ووقفت شاردا أبحث عن إجابة أو مخرج أنقذ به نفسى من نفسى.
ففرق شاسع بين الضمير وشجاعة الضمير، فمن المتوقع أن بكل شخص منا ضميرا ولكن هذا الضمير هل هو شجاع بالقدر الكافى للاعتراف بالخطأ وتحمل المسئولية وهنا تكون الخطورة ففى أزمة المحامين والقضاة، من منهم يمتلك شجاعة الضمير ليعلن أن كلا منهما قد أخطأ فى حق الآخر ولزم عليها الاعتذار كل للآخر بعيدا عن الكبرياء والأنانية ثم يعتذر الاثنان لهذا المجتمع المغلوب على أمره، فما ذنبه فيما جرى بينهما من مهاترات فهل من شجاعة ضمير؟
وفى أزمة القتيل خالد سعيد من يمتلك شجاعة الضمير؟ مخبرا الشرطة أم الشهود أم المجتمع، كان من الممكن أن تنتهى الأزمة فى مهدها إذا امتلكنا شجاعة الضمير وتحمل المسئولية، فحتى هذه اللحظة لم يعترف المخبران بتعذيبهما القتيل أو استخدام العنف معه، ولم يمتلكا شجاعة الضمير لقول الحقيقة حتى لو كانت قاسية.
وفى أكياس الدم الفاسدة، تاهت الحقيقة وبرأ جميع المتهمين ولا نعلم من تسبب فى هذه الكارثة، وما ذنب الضحايا، فهل من شجاعة ضمير لقول الحقيقة؟
وفى شأن الترشح للرئاسة لا نملك حتى شجاعة الضمير ليقول لنا أى من مرشحى اليوم إنهم ليسوا ملائمين من ناحية شروط الترشح للرئاسة والغريب أن لا يمتلك أحد منهم شجاعة الضمير ليقول ذلك لمن يرغبون فى انتخابهم وترشيحهم!!
والأمثلة كثيرة لا حصر لها، ليس عندنا مبدأ تحمل المسئولية ولا الاعتراف بالخطأ، فكلنا ملائكة لا نعرف للخطأ طريقا، وما يقع منا ما هو إلا سهو لا نحاسب عليه حتى لو أدى مثلا إلى غرق الآلاف أو اعتقال المئات أو إفلاس الشركات وانهيارها!!
وأرجو أن نلقى نظرة على التجربة اليابانية عندما يرتشى موظف فى الدولة يعترف بما فعله ويقدم على الانتحار وأنا لا أدعو إلى الانتحار ولكن انظرو إلى عظم الأمر ومدى تحمل المسئولية مهما صغر الجرم فالنتيجة واحدة، ولكن الأمر عندنا مختلف على الإطلاق، فلا نجد مسئولا واحدا يعترف بخطئه فى عمل ما أو مشروع ما أو خلاف ما، ولكن نجد المكابرة والعناد والدفاع عن الخطأ بكل ما أوتى من قوة والنتيجة أن أصبح الأمر طبيعيا ولا يثير الاهتمام وتحول إلى ثقافة، فمن منا اعترف بخطأ ارتكبه فى يوم من الأيام، فكلنا نمتلك الضمير، ولكن القليل منا من يمتلك شجاعة الضمير.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة