باسم زكريا السمرجى يكتب: التعذيب جريمة نظام

السبت، 31 يوليو 2010 07:41 م
باسم زكريا السمرجى يكتب: التعذيب جريمة نظام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قـُـتل خالد سعيد أو عُذب حتى الموت فلم أر جديدا يستدعى أن أكتب عن الحادث، فلم أكن لأضيف جديدا عم سوف يُـكتب غير أنى منذ بضعة أيام كنت أسير فى الشارع ورأيت المشهد الآتى: أحد الشباب "الفتوات" يقبض على آخرٍ تظهر عليه أمارات الضعف والاستكانة والتسليم لم يكيله له الأول من الصفعات واحدة تلو الأخرى ويحذره أن يراه "يعملها تانى" ولم أكن أدرى ما كنه تلك "العَملة" التى كان يحذره منها حتى علمت بعد ذلك أن هذا الذى تظهر عليه أمارات الضعف والاستكانة والتسليم ما هو إلا سارق أوقعه حظه العاثر فى يد ذلك الشاب الفتوة الذى كال له الصفعات عقابا له على فعلته ثم تركه يرحل لحال سبيله، فهو بالتالى شاب "شهم" بمقاييس المجتمع.

حرك هذا المشهد هاجسا بداخلى وهو ماذا إن كان ذلك الشاب الفتوة مكان المخبرَيـْن؟ أغلب الظن أنه كان سيقوم بم فعله المخبران تماما.

وهنا بدأت أنظر للمخبرَيـْن نظرة مختلفة، إن هذين المخبرين ليسا من طبقة غير الطبقة التى ينتمى لها عموم الشعب المصرى فلا أظنهما انهالا على خالد بالضرب ثم ذهبا ليحزما حقائبهما كى يلحقا بالطائرة المتوجهة إلى نيس لقضاء الصيف، ولا أظنهما حين عذباه كانا يدافعان عن امتيازات مادية من تطلعات خالد وأمثاله من عوام الشعب المصرى.

بل أظنهما من الطبقات الكادحة التى تجاهد أمواج الظروف حتى تتعلق بقشة الحياة –غير الكريمة غالبا – إذن من المعقول جدا أن يقف المخبران فى صف خالد وصف جموع الشعب فى مواجهة نظام اضطهدهما مثلهما مثل غيرهما من جموع الشعب، ولكن الحقيقة أنهما لم يقفا فى صف ضد صف، بل إن ما فعلاه هو جزء من الممارسات التى يقوم بها الشعب فيما بينه وبين نفسه فعلى سبيل المثال موظف الحى أو موظف المرور الذى "يلطعك " أمامه حتى ينتهى من كوب الشاى مثلا، إنما يمارس عليك ما تيسر له من وسائل التعذيب وإثبات السيطرة وإساءة استخدام السلطة.

هما مجرمان ويستحقان العقاب طبقا للمعطيات المتاحة لنا – وأرجو أن يكون هذا الحكم هو ما ستسفر عنه القضية – لكن بتحليل الموقف لاستخراج العبر بشكل أعمق يتخطى حدود الموقف الظاهر أمامنا، نجد أنا ما فعلاه هو انعكاس لحالة غريبة من السادية والعنف وعدم احترام قيمة الإنسان سادت فى المجتمع المصرى ويكفى أن تعرف بعضا من أحداث المشاجرات التى تحدث فى الأحياء الشعبية والعشوائيات لتتأكد من ذلك.

وجدير بالذكر هنا أن كل ذلك غريب على الشعب المصرى الذى كان دائما ما يوصف بالوداعة والطيبة والتسامح البالغين، من الممكن أن ندور فى دائرة مفرغة وأن نتحدث كثيرا عن علاقة السبب بالنتيجة بين السادية التى تفشت فى المجتمع المصرى وبين سادية الداخلية، ولكن فى رأيى أن النظرة الأعمق والأشمل لا بد أن تقودنا إلى اتهام نظام الاستبداد بالمسئولية عن تلك المنظومة.

فنظام يسلب الشعب حقه فى الاختيار وحقه فى الحياة الكريمة ويستولى على جميع السلطات هو نظام جدير بإدارة غابة يتحول فيها الإنسان إلى حيوان يستخلص لنفسه حقوقا متوهمة اعتمادا على مدى قوته الشخصية والعضلية فبين الموظف الذى يستمد قوته من تملكه قضاء حوائج الناس والمخبر الذى قوته فى انتمائه للنظام والفتوة الذى يعتمد على قوته العضلية وربما سمعة عائلته العتيدة فى الإجرام تاهت قيمة احترام الإنسانية فى المجتمع المصرى وهذا للأسف ما وصل إليه المصريون .






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة