بدأت فى الأيام الماضية سرد وقائع حوار أجريته قبل سنوات مع السياسى الكبير محمد فايق، وكتبت فى حلقات ثلاث ما رواه لى منذ بداية علاقته مع الزعيم الراحل جمال عبد الناصر، ثم دوره الرائد فى أفريقيا، واستكمل وقائع الحوار..
دلل محمد فايق فى حلقة الأمس على التعاون الاقتصادى الذى حدث بين مصر والدول الأفريقية، بروايته لقصة استغاثة رئيس الوزراء الصومالى شارماركى بجمال عبد الناصر، على إثر تهديد الشركات الإيطالية بعدم شراء محصول الموز كعادتها كل عام، وهو عماد الاقتصاد الصومالى، فقرر عبد الناصر شراءه، وأدى ذلك إلى تراجع الشركات الإيطالية التى ظنت أنه ليس بوسع أحد أن يدخل بديلا لها، ونصح عبد الناصر رئيس الوزراء الإيطالى أن يدخل فى مفاوضات جديدة لرفع سعر الموز وهو ما تحقق بالفعل.
أضاف فايق أن هذا الموقف أظهر مصر بأنها السند والعون لكل الدول الأفريقية، كما ساهم فى فتح الأسواق الصومالية لمصر بعد ذلك نتيجة شعور القيادة الصومالية أنه أصبح لها سند تستطيع الاعتماد عليه فى مواجهة الغرب.
استكمل محمد فايق سرده لنوعيات أخرى من المساعدات التى تقدمها مصر إلى أفريقيا قائلا :" كنا نقوم بإقراض الدول الأفريقية بقروض بسيطة من 4 إلى 6 ملاين جنيه، يتم استثمارها فى تشييد المبانى الخاصة لوزارات أومؤسسات والتى تصب فى خانة إقامة البنية التحتية، وعلى سبيل المثال كان مجرد وجود "لوكاندة" يقيمها الاستعمار فى دولة أفريقية مظهرا من مظاهر السيادة الاستعمارية، حيث كان الاستعمار يحرص على بنائها كواجهة، وتقيم فيها الشخصيات التابعة له والتى تسير شئون البلاد..
كنا ندرس كافة الاحتياجات الضرورية للدول التى نالت استقلالها، وفى نفس الوقت كيفية توفيرها من جانبنا ومعظمها كان بسيطا، مثلا أعطينا لجمورية مالى 4 ملايين جنيه كقرض، وتم بناء مستشفى به بالإضافة إلى تسفيل طرق وإصلاح أخرى، وسافرت شركات مقاولات مصرية ذات قدرات إنشائية ضخمة، ونفذت بناء المستشفى وتسفيل الطرق..
وهناك أمثلة أخرى، وعلى سبيل المثال اكتشفنا أن بعض الدول الأفريقية تحتاج إلى " أسانسيرات ، واستيرادها يتطلب عملات صعبة غير متوفرة لديها، ولتذليل هذه العقبة كنا نستثمر الاتفاقيات المبرمة لمصر مع بعض دول أوروبا الشرقية للتباحث حول هذه الاحتياجات ونستورها ثم نعطيها إلى الدول الأفريقية التى تحتاجها، والأمثلة كثيرة على ذلك، وأدى كل ذلك إلى فتح السوق الأفريقية لكل المنتجات المصرية، على سبيل المثال كانت أسواق مالى لا يوجد فيها غير المنتجات المصرية ، وكذلك دول أفريقية أخرى، ولم يمنع تصدير أى سلعة مصرية إلى أفريقيا سوى عدم وجود فائض تصنيع لها فى مصر.
شرح محمد فايق قضية هامة تتعلق بكيفية حصول الدول الأفريقية على قروض من دول الكتلة الاشتراكية الأوروبية ودور مصر فى تسهيل هذه العملية التى لم تكن سهلة، قال فايق :" كانت دول الكتلة الاشتراكية تعطى قروضا، وفى المقابل كانت الدول الأفريقية لا تملك المكون المحلى لتسديد هذه القروض، وتغلبت مصر على هذه المشكلة لصالح الدول الأفريقية، حيث جمعت كل هذه الدول فى منظمة الوحدة الأفريقية، وقامت المنظمة بتنظيم هذه العملية، وقامت مصر بإرسال بضائع إلى الدول الأفريقية تستخدمها كسند لها فى إثبات أن لديها مكونات اقتصادية تعزز من طلب القروض، وتمت هذه العملية بنجاح كبير لكفاء تنفيذها وكان ذلك يتطلب دقة متناهية وأساليب معقدة، وساهم فى نجاح هذه الفكرة شركة النصر للتصدير التى تم تأسيسها لتقود عمليات التعاون الاقتصادى لمصر مع كل أرجاء القارة الأفريقية.
..يتبع
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة