محمد عبد الصبور فهمى يكتب: استغلال المصرى للمصرى

الخميس، 29 يوليو 2010 10:41 م
محمد عبد الصبور فهمى يكتب: استغلال المصرى للمصرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
مصر البلد العربى الوحيد الذى يتربع فيه الاستغلال على عرش السلبيات، وأصبح ظاهرة يندى لها الجبين، فالمصرى يستغل المصرى من خلال المكان والزمان والنفوذ، فإذا كنت مسافرا بالقطار أو الأتوبيس أو السيارة وأردت شراء أى منتج بمحطات القطار وبمواقف السيارات والأتوبيسات أو الاستراحات والكافيتريات والمطاعم فى طريق السفر.

فلا بد لك من أن تدفع أضعاف السعر الأصلى نظير حصولك على ما تريده، لأن المضطر أثناء السفر إلى الشراء فهو مضطر كذلك للدفع بالسعر الذى يريده البائع، واصفا تلك المضاعفة فى السعر بأنها أسعار سياحية وكأن هذا المكان يحمل ترخيصا من وزارة السياحة للبيع بتلك الأسعار الباهظة.

فالمطاعم والمقاهى إما عادية أو سياحية وفارق السعر لوجود الخدمة السياحية، أما تلك الأماكن فأصبحت أسعارها أكثر من السياحية وخدمتها أقل من العادية، ناهيك عن المأكولات الفاسدة وربما لحوم الكلاب والحمير لكونها لا تخضع للرقابة المستمرة، فهذا هو نوع من أنواع استغلال المصرى للمصرى من خلال المكان، فما بالنا باستغلال المصرى للسائح، سواء كان عربيا أو أجنبيا، وبالرغم من أن وزارة السياحة وبالتعاون مع شرطة السياحة تقدم دليلا بالأسعار للسياح فى المناطق السياحية، ويبذلان كافة جهودهم لحماية السائح، إلا أنك لم تجد سائحا عربيا إلا ويقص عليك قصصا عن استغلال أصحاب التاكسيات له.

فالاستغلال موجود لأنه أصبح ثقافة مكتسبة، بغض النظر عما يسببه هذا الاستغلال من سمعة بلد سياحى عريق مثل مصر الغالية، وبالرغم من أن بعض البلدان العربية تقطع طريق السفر داخلها فى صحراء قاحلة إلا أنك عندما تجد استراحة أو كافيتريا أو مطعما تجد كل الأسعار بها مثل الأسعار داخل المدينة، بالرغم من عدم وجود رقابة مستمرة عليها، ولكن عدم الاستغلال فى تلك البلدان ثقافة مكتسبة، وبالرغم من إضافة الشحن الدولى والجمارك لأسعار المنتجات المصرية عند التصدير، إلا أن المصريين العاملين بالدول العربية يشترون المنتجات المصرية فى تلك الدول العربية المستوردة بأسعار أقل من سعرها بمصر، وتسأل عن ذلك الشركات والمصانع القائمة بالتصدير، والذين لا يراعون حق الشعب عليهم.

أما استغلال المصرى للمصرى من خلال الزمان فهو استغلال المواسم والمناسبات والأعياد وأشهرها قدوم شهر رمضان المبارك أعاده الله على جميع المصريين والأمة الإسلامية بالخير والصحة والسعادة، فالسكوت عن هذا الاستغلال أدى إلى التمادى فيه لينتقل شيئا فشيئا ليشمل كافة الأماكن وكافة الأزمان، وتعجبت من حديث أحد المسئولين مع إحدى الفضائيات ناصحا المواطنين بعدم شراء كميات من الأرز الآن للشهر الكريم، لأن التجار سيضطرون لإخراج المخزون قبل موسم الأرز والذى يتناسب هذا العام مع الشهر الكريم، ومن ثم ستنخفض أسعاره، فالشعب مطالب بمقاطعة اللحوم حتى يرضى عنه الجزارون ومطالب بمقاطعة الأرز حتى يرضى عنه التجار، وكأن الجزارون والتجار ليسوا من فئات الشعب المغلوب على أمره، بل هم أقوى من وزارتى الزراعة والتجارة أى أقوى من الدولة، أما استغلال المصرى للمصرى من خلال استغلال النفوذ لنجد المسئول عن مؤسسة ما وكأنها تركة له ليقوم بتعيين الأقارب والمعارف ويحرم الأحق منهم بالتعيين فى تجاهل تام للوائح والقوانين، ومن ثم رفع شعار الواسطة والمحسوبية ومزجه بالرشوة والإكرامية، مقابل أداء عمله.

فاستغلال النفوذ أصبح ظاهرة ملفتة للنظر فى مجتمعنا المصرى، بدليل كم قضايا الرشوة والاختلاس المرتبطة باستغلال النفوذ التى تنظر فى المحاكم، والتى يتهم فيها إما موظفا صغيرا أو مسئولا كبيرا أو حتى وزيرا، فالمصريون جميعا سواسية أمام الله، ومن ثم يجب أن يكونوا سواسية أمام القانون، أما إذا انساق البعض وراء أهوائهم ومصالحهم، فهم لا محالة يتجهون إلى الظلم والفساد، وتتجلى عظمة القرآن فى قوله تعالى: (( بَلِ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَهْوَاءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَنْ يَهْدِى مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ))، وكان الله فى عون الشعب المصرى من استغلال المكان والزمان والنفوذ.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة