محمد فايق من أهم من تولوا وزارة الإعلام فى مصر، حيث تولى شئون وزارة الإعلام أو ما يعرف بـ "وزارة الإرشاد القومى" فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وفى عصر الانفتاح الإعلامى وتعدد الفضاءات، حاورناه لنتعرف على تقيمه للإعلام المصرى فى يوبيله الفضى وذكرياته مع صديقه المناضل نيلسون مانديلا..
بعد مرور 50 عاماً على التلفزيون المصرى، وباعتبار أنك من راود الإعلام فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، كيف ترى حال الإعلام الآن؟
الإعلام تتطور بشكل كبير جدا، ولا يستطيع أحد الآن أن يخفى أية معلومات، ولم تعد هناك أسرار وأصبح من يصنع الرأى العام هو الذى يمتلك الخبر للمرة الأولى بشكل حصرى، ومع كل ذلك ما زلنا نعتبر برنامج تحرك الوزراء من مكان إلى آخر سراً من أسرار الدولة، وبالتالى أصبحنا نستمع إلى أخبارنا من الإعلام الخارجى، مثل ما حدث مع وفاة الرئيس الأسد، يومها علمنا نبأ وفاته من الوكالات العالمية ولم نسمعه من هنا، فالإعلام حاليا لا يبنى صورة وإنما أصبح يرصد الصورة، فإذا كنا نرى أن الإعلام سيئ فصورتنا هى السيئة وليس الإعلام.
وهل ترى أن تعدد الفضائيات والقنوات التلفزيونية ظاهرة جيدة؟
تعدد الإعلام ظاهرة جيدة جدا، لكن لها انعاسكات أو آثاراً سلبية مثلها مثل الآثار الجانبية للدواء، فلم يعد من الممكن التراجع فى أى شىء لأن السماء أصبحت سماء مفتوحة، لكن السؤال كيف نستغلها كيف نخاطب العالم، قناة الجزيرة القناة الوحيدة التى تبث بالإنجليزية وتخاطب العالم، فلابد من قناة فى مصر تبث باللغة الإنجليزية لتخاطب العالم من مصر، فالريادة لمصر، ومعظم القائمين على النشاط العالمى فى كل المجلات وفى الإعلام من المصريين.
كيف ترى الهجوم على مصر وانتقاد إعلامها وريادتها؟
النقد الشديد الموجه إلى مصر ولإعلامها، من منطلق الحب وكونها دولة ريادة والانتقاد الشديد لها أكبر دليل على أنها دولة لها كيانها ومنتظر منها الكثير والكثير.
كونك وزيراً للإعلام فى عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، أو ما يعرف بوزارة الإرشاد القومى، كيف كان حال الإعلام وقتها؟
الظروف مختلفة، فوقتها مصر كانت سابقة للعالم كله، وصاحبة الحركة الأفريقية والعربية ومركز عدم الانحياز، وتبث أهم أخبار الوطن العربى، وتمتلك وكالة أنباء الشرق الأوسط وتوزع الأخبار على الوطن العربى كله، بعدها سيطرت على الإعلام حقبة عراقية وتوالت الحقب لتصبح الحقبة المسيطرة على الإعلام حاليا حقبة سعودية، فعندما كانت الحقبة مصرية، كانت مصر تجر العالم كله وكان الإعلام قادراً على الانفتاح العالمى، فالإعلام زمان كان عبارة عن إرشاد قومى، أنت عندك مشروع وبتحاول ترشد وتحشد الناس حواليه وتعرف الناس بالثورة الجديدة، أما الآن فالإعلام لعب دوراً مهماً جدا فى إبراز وتناول قضايا انتهاك حقوق الإنسان، فلم يعد من الممكن إخفاء أية انتهاكات لحقوق الإنسان.
من المعروف أن هناك صداقة شخصية بينك وبين المناضل نيلسون مانديلا، فكيف كان تعارفكما؟
كنا على اتصال بحزب المناضل نيلسون منديلا من أجل التحضير لزيارته للرئيس جمال عبد الناصر، وللأسف مقدرش يتقابل مع الرئيس، لكن بعد سفره سنة1961 اتصلت به وطلبت منه الحضور لمقابلة الرئيس فى أى وقت.
لأن نيلسون مانديلا كان يتمتع ببعد إنسانى كبير جدا وصلابة وإصرار على الهدف، وكان صاحب كاريزما غير عادية، ويعمل بجد وتعب، وطوال 27 سنة التى قضاها داخل السجن تمتع بقوة وصلابة ولم يضعف أمام الإغراءات التى قدمت له.
وقبل إفراج رئيس الحكومة العنصرية عنه، قال له مبروك لقد قررنا التفاوض معك، ولكن بشرط أن تنهى أعمال العنف وتبتعد عن السياسة، لكنه رفض ذلك واضطرت الحكومة أن تفرج عنه للتفاوض، وذلك لأنه قادر على التحكم فى المقاومة، ولهذا كان هناك تفاوض معه.
عظمة مانديلا أنه بعد الاستقلال لم يتحول إلى نظام عنصرى عكسى، بمعنى أنه لم ينقلب على البيض، وإنما أعطى الحق لكل من يعيش على أرض جنوب أفريقيا فى الحياة الكريمة.
كيف كان موقف الرئيس الراحل جمال عبد الناصر من حركات المقاومة؟
الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان يؤيد تماماً حركات المقاومة، خصوصا وأن نيلسون مانديلا كان يقاوم ضد الحكم العنصرى الذى كان يفضل البيض على أصحاب البشرة السوداء، ورغم أن نيلسون مانديلا لم يتمكن من مقابلة الرئيس جمال عبد الناصر لكنه كان معجباً جدا به وبأفكاره، وعندما حضر إلى مصر زار قبر الرئيس لأنهم كانوا على ارتباط وثيق بصرف النظر عن عدم التقائهم إلا أنهم مواليد نفس العام ومتبنين نفس الأفكار.
كيف كان التواصل بين مصر ومانديلا؟
كان هناك تواصل بين مصر وحركة المقاومة، من خلال مكتبهم فى مصر والإذاعات التى كانت تبث بلغتهم.