باندفاع المحبين وشغفهم بمحبوبهم، وبلهفة العاشقين الذين ناجاهم هوى المعشوق فأضناهم تمرده، وبفيض ذاكرة امتلأت بصور هذا الحبيب، قرأنا.. فهزنا ما قرأنا، ورأينا الحبيبة فى ثوب الحب ترتدى الحزن فكسرتنا دمعتها، وتساءلنا لما لا نرفع يدنا لنجلو الألم عن وجهها الأسطورى الفياض؟
فيروز.. السيدة التى لا تقوى أذننا على أن تغادر صوتها، ولا تستطيع قلوبنا أن تغادر محبتها، معشوقتنا.. مليكتنا، أمنا وفتاتنا، الحاكمة بأمر الجمال والآمرة الناهية المطيعة المستعصية، مفردة وجماعة، أكليل من الورد لا يضاهيه سواه، عالية كثمار الجنة، وقريبة كحبل الوريد.
فيروزنا فى محنة، قال القائلون: ممنوعة من الغناء بأمر المحكمة، ونادى المحبون يا فيروزنا نحن شعبك، وصرخ شعبها: يا فيروزنا غنِّ إنا نحن ها هنا خاشعون.
قلنا معك يا فيروز ومع التاريخ الذى زرعته حنجرتك وردا وفلا وياسمين فازدانت دروب طفولاتنا ومراهقاتنا صبيانا وشبابا، هربناك فى أوردتنا وحملناك فى صدورنا، ننظر فيك فنجدنا، ونتوه فترجعينا إلينا، نفرح بك، ونفرح لك، ونفرح فيك، سنرجع يوما إلى "حبنا".
لم نتمهل، صوتها يضمد جرح ذاكرتنا وهى تنادى: بكره برجع بوقف معكن، إذا مش بكره اللى بعدو أكيد.. انتو حكونى وأنا بسمعكن.. حتى لو الصوت بعيد، قلنا: نحكى لفيروز من هنا، من مصر، حيث يتردد صوتها، وهى ستسمعنا هناك، تنادينا كأصدقاء، ونادينا الأصدقاء، فاجتمعنا على محبتها، وقلنا: فيروز فى محنة، وقلنا فيروز ستغنى.
معاً قررنا أن نلتف حول هدير الصوت، معا أطلقنا حملة "معك يا فيروز" وبذاكرة المحب نفسه قالت اليوم السابع: معكم ومع فيروز، وبالذاكرة نفسها، ستضىء ساقية الصاوى قناديلها، وبالألم نفسه سيلتف جمهور من شعبها ليعلن عن تضامنه، وبلا رسائل كانت رسائلنا تصل، صرنا جنودا فى حضرة السيدة وهى ترتحل بصوتها من باب إلى باب ومن مدينة إلى مدينة ومن شارع إلى شارع، تقول: يا حبيبى كلما هب الهوى وشدا البلبل نجوى حبه.. لفنى الوجد وأضنانى الهوى كفراش ليس يدرى ما به
فيروز ممنوعة من الغناء؟
من ذا الذى يستطيع؟!
هم استطاعوا وسنقول لا.
أعود بذاكرتى إلى سيدة الغناء العربى السيدة أم كلثوم، التى رحلت وتركت لنا إرثا محسوبا لنا كلنا، من فينا استطاع أن يتقبل أن هرمنا الرابع يُختلف على داره، من منا يتوقع أن بيتها الذى تردد صوتها فيه، وحمل أنفاسها، وعايش ضحكاتها وآلامها لن يكون متحفا يحمل إرثها لنزوره كلما أقفلت الشوارع حكاياها معنا.
القانون أنصف الحق للورثة، وللورثة الحق كما تعلمنا فى القوانين، لهم أن يحولوا بيتها إلى متحف، ولهم أن يحولوه إلى فندق بأربع أو خمس نجوم، لهم أن يبقوه كما هو، ولهم أن يهدموه، لهم أن يبيعوه وأن يتقاسموه، ولهم ما لهم، لكن أم كلثوم كانت لنا جميعا ولم تكن لهم أبدا.
الكاتب الكبير نجيب محفوظ، هل نستطيع أن نتداخل بنص رواية أو قصة كتبها من دون الرجوع لورثته، قال القانون: لا، وقلتُ بعين المحب: نعم، وورثة منصور الرحبانى كان لهم الحقوق نفسها، إرث والدهم الكبير ونجمتهم العالية.
جارة القمر تلك التى باغتتنا بصوتها حتى تداخلت فى دمنا، قال لها القانون: لا، وقالت: أفواه المحبين: نعم.
وبين لا ونعم مسافة تُغنى، تكسر وتجمع، تُعلى وتُسقطُ.
قلنا: نعم.
القانون قال: الحق حق.. وشعب فيروز قال: الحق لفيروز.
وبين القانون وشعب فيروز مأساة كبيرة، القانون: أنصف وما كنا نريد له أن ينصف، ما كنا نريد لفيروز إلا عرشها.
شعب فيروز يقف الاثنين القادم فى وقفة تضامنية معها، فى بيروت كما فى ساقية الصاوى، وفى أى مكان آخر بالقاهرة أو الإسكندرية أو دمشق، أو الرباط، أو باريس أو واشنطون، وشعب فيروز لا يستطيع أن يخون عاصى الرحبانى ولا منصور الرحبانى، هى دعوة لننصف الاثنين معا، نتضامن مع الصوت، ونتضامن مع من كان عائلة هذا الصوت، نتضامن معهم جميعا، وندعو إلى جمعية عالمية لمحبى فيروز يردون من خلال الجمعية الدين الكبير الذى منحته لنا السيدة وهى تنفذ إلى قلوبنا قبل آذاننا نقوم من خلالها جميعا بتسديد حقوق الورثة وشراء حقوق الأعمال المختلف عليها كلها ومنحها بلا مقابل لمن بنّت فى أنفسنا تاريخ صوتها وتاريخ عرشها وتاريخ ملكية عارمة، نحن الرعايا نعلن عن ولائنا للرحابنة العظام، نحبك يا عاصى، نحبك يا منصور، نحبك يا زياد، أما أنت يا أيقونتنا الجليلة فإنا نسبح بجمالك، ونذود عنك بأرواحنا، ونفترش من صوتك آرائك، ومن فيض نورك أحلاما، ومن صرختك المجلجلة نارا موصدة، تعمى المارقين، وتنير للمحبين.
موضوعات متعلقة ضمن حملة اليوم السابع للتضامن مع فيروز
مثقفو مصر: لا أسكت الله لك حساً يا فيروز
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=255851&SecID=94&IssueID=123
مثقفو مصر ينظمون وقفة تضامنية مع فيروز
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=256268&SecID=94&IssueID=123
ساقية الصاوى تحتضن وقفة المثقفين مع فيروز
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=257523
فيروز وقضية الإرث والميراث
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=257687
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة