عبد المنعم فوزى

وصفة سهلة

السبت، 24 يوليو 2010 07:16 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أنت هندى.. كلمة بنقولها للى مش بيفهمنا بسرعة وكمان عندما يريد أى شخص التلاعب بشخص آخر أو وصف إنسان بالعبط وأحياناً الطيبة المفرطة، المشكلة أن السذاجة ارتبطت بالهنود وبنقول عليهم راكبى الأفيال، الغريب أننا كنا بنتريق كتير أوى عليهم لدرجة أزعجت الزعيم الهندى نهرو واعتبرها إهانة يجب إيقافها.. عمل إيه؟ طلب من جمال عبد الناصر أن يمنع الناس فى مصر من ترديدها، فرد عليه: إزاى عايزنى أوقف شعبى عن كلمة هو أنا هندى دى؟ قال له: كل واحد يقول الكلمة دى تاخدوا منه قرش صاغ، سأله: طب والفلوس دى نعمل بيها إيه؟ نهرو قال: تديهالى علشان أوزعها على شعبى، رد عبد الناصر: ليه هو أنا هندى.

الحكاية دى اعتبرت ساعتها نكتة واستمر الناس فى ترديدها.. طب هل صحيح الهندى مابيفهمش بسهولة ويمكن أن تخدعه وتضحك عليه؟.. طبعاً الكلام ده حتى الآن محدش عارف ليه انتشر؟ وما هى حقيقته؟

الحكاية وما فيها أن الهنود شعب مكافح وجاد وطيب وفكرهم عالى جداً، أنا عاشرتهم أثناء دراستى فى معهد الصحافة الدولى فى جامعة لال نهرو، اتعلمت منهم حاجات كتيرة كويسة، وهما على فكرة بيحبوا الشغل جداً معندهمش وقت للهزار وبيعملوا فى كل شىء واقتصاديين قوى، المشكلة أن البشر منذ فجر التاريخ عندما يصطدم بأفراد أو أمم تتصف بالطيبة والحكمة وإنكار الذات بيتريق عليهم، الدليل أن ابنى آدم قابيل وهابيل قتل الأول أخيه الذى عرف عنه رجاحة العقل والاتزان والحكمة والطيبة، النتيجة أن اللى عاش واستمر اسمه معروفاً ومتداولاً هو قابيل القاتل اللى دفن جثة أخيه هابيل.. ليه بقى؟ لأن التاريخ والبشر تجاهلت هابيل واعتبرت اسمه دليلاً على الهبل والسذاجة، وبقى اسم قابيل يتخذه الناس اسماً لبعض أبنائهم، القصة وما فيها أن الناس بتقول إن الطيب المكافح مالوش حظ فى الدنيا دى، لكن الهنود أثبتوا للعالم كله العكس حتى إن كتير من الناس ومنهم مصريين بيقولوا يا ريت كنا هنود ونصل لما وصلوا إليه ونتقدم زيهم، السبب أنهم استطاعوا صنع القنبلة النووية والطائرات والسيارات والتقدم فى المجالات التكنولوجية بصورة مذهلة رغم محدودية إمكانياتهم ومواردهم مما جعل العالم المتقدم يذكرهم فى أى قصة نجاح، كما أبدعوا وتفوقوا فى صناعه السينما، حتقولى أشمعنى الهند وإحنا مالنا بقصة نجاحها وتقدمها حقولك إن مشاكلها التى عالجتها وتعالجها، صورة طبق الأصل أو على الأقل تتشابه مع المشاكل اللى موجودة عندنا، ومع ذلك تقدمت بشكل ملفت ومن المتوقع أن تلعب فى القريب العاجل نفس الدور اللى بتلعبه الصين حالياً، حتقوللى إزاى؟ حقولك إنها فى بداية التسعينات كانت فى أسوأ حالاتها بعد انهيار الاتحاد السوفيتى، لأنها كانت بتعتمد عليه كتير قوى، وكان الاحتكار الحكومى والقطاع العام وكل شىء تحت إشراف الدولة المركزية، النتيجة تزايد الاقتراض الهندى وأوشكت المؤسسات المملوكة للدولة على الإفلاس، لأنها كانت تعيش على الإعانات الحكومية يعنى زينا بالظبط، بدأ الوضع فى التغير مع حكومة راجيف غاندى، الذى جاء ببرنامج إصلاح اقتصادى رغم المقاومة السياسية الشديدة داخل حزبه تجاه خطواتة الليبرالية الجديدة، وزينا برضه كانت ومازلت العشوائية تضرب بجذورها فى البلاد ...تشوف القصور بجانبها الخيام اللى بيعيش فيها هنود فقراء دون أى مرافق يعنى يتعايش الفقر مع الغنى، والجهل بجانب العلم وغيرها من المتناقضات اللى مالهاش حصر، فثلثا القوى العاملة فى الهند مزارعون فقراء، مش كده وبس الهند ترى نفسها محاصرة بالأعداء، سواء من باكستان أو الصين وحتى فى الداخل مشاكلها كتيرة بسبب التوتر الدينى بين المسلمين والهندوس، طب عملت إيه عشان تتقدم؟ طورت نظاماً متميزاً من التعليم الجامعى، تمكن من تخريج العديد من العلماء والاقتصاديين على درجة عالية من الكفاءة حتى إن عدداً من رؤساء أشهر الشركات العالمية والقائمين على إدارتها ورجال الأعمال الناجحين والعلماء البارزين هنود، هذه الصفوة من الشباب النابغ لا ينسون بلدهم، فنجد الكثير منهم يقوم بالتبرع بسخاء للتعليم وإقامة المشروعات الصناعية وتمويلها أو إمدادها بالمشورة الفنية، مما يعود على الهند ومواطنيها بالخير، طب البعض حيقول ديمقراطية الهند جامدة قوى وأمريكا قالت عليها إنها أكبر ديمقراطية فى العالم، وهى السبب فى كل هذا التقدم.. حقوله كلام جميل ولكن اسأل نفسك.. هل توجد مساواة تامة بين المواطنين الهندوس وبين المسلمين والسيخ؟ هل نفس الفرص المتاحة للمواطنين الهندوس متاحة للجميع؟ حقولك لا.. وألف لا.. ولكن برغم التمييز الطبقى والدينى، واضطهاد المرأة وطبقة المنبوذين اللى هما من أفقر خلق الله على الأرض، حققت الهند النمو الاقتصادى والتقدم العلمى والمعرفى، يعنى من غير أى عدل اجتماعى، شوف يا صاحبى ظروف الهند لا تختلف عما نحن فيه، لكنهم كانوا ومازالوا لديهم الرغبة فى العمل والتقدم ما بيحطموش أو يخونوا بعض وبيعرفوا يقدروا الكفاءات، فهل عندنا هذه الرغبة أو حتى الإرادة القادرة على تطبيق هذه الوصفة السهلة.

نائب رئيس تحرير جريدة الجمهورية





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة