أكد الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية، أن الحضارة الغربية الحديثة استفادت من الحضارة الإسلامية كثيرا، والعكس بالعكس، وأضاف أنه إذا كنا نرى بعض الشخصيات الغربية التى تعمل على تشويه الإسلام والافتراء عليه، يقوم البعض الآخر أيضا برفض الغرب كلية، إلا أننا نجد أن هناك من أبناء الحضارتين قامات وشخصيات تتسم بالموضوعية والحياد والإنصاف فى عرض حقائق عالمنا المتعدد، وقال: "تلك الأصوات المعتدلة هى التى تضىء شعلة نشاطنا نحو بناء عالم من التعايش السلمى".
وأضاف المفتى فى مقالة نشرت له اليوم فى جريدة التايمز البريطانية، أن أبرز هؤلاء المنصفين الأمير تشارلز، أمير ويلز وولى عهد المملكة المتحدة، الذى لا يزال يؤكد أن الحضارة المعاصرة ليست نتاج حضارة كبيرة واحدة، ولكنها تراكم حضارات عديدة لها نفس الحجم والشأن الرفيع، أسهم فيها آخرون، وخطابه الأخير عن الإسلام والبيئة خير شاهد على الطبيعة التعاونية التى تربط بين الحضارتين، إنه يدعو إلى استرجاع الإسهامات الكبيرة التى قدمتها ولا تزال تقدمها الحضارتين العربية والإسلامية للغرب.
وأشار فى مقاله أن الأمير تشارلز تحدث عن الأزمة البيئية العالمية بصفة خاصة، ثم أشاد بدعوة الإسلام للحفاظ على البيئة، معتبراً إياها نموذجاً يُحتذى، إن نقطة البدء فى التعامل مع الخلق، وبالتالى مع الطبيعة، وفقا للتصور الإسلامى، هى العلاقة التى يتعين وجودها بيننا نحن البشر وضواحينا، وهو مستوىٰ رفيعٌ يَزيد علىٰ مستوىٰ المحافظة والتنمية، فالإسلام وَجَّهَ الإنسانَ إلىٰ إنشاء عَلاقة بينه وبين غيره من المخلوقات فيها مشاركةٌ وحَنِين وشوق، فالكـون فى المنظور الإسلامى طائع للّٰه يُسَبِّحُ ويسجد، يحب المطيعين ويبكى رحيلَهم عن الدنيا، ويبغض العاصين الكافرين ولا يبالى بزوالهم وهلاكهم، وذلك لأن المطيعين متناغمون متشاركون معه فى أداء السجود والتسبيح، أما الآخرون فهم معاندون متنافرون مع كل ما يحيط بهم.
وأكد المفتى أن الخطاب ألقى الضوء على أهمية هذه التعاليم المشتركة بين الأديان، وأن تجاهل حقيقة احتياجاتنا الروحية سوف يؤدى بأنفسنا إلى خواء عميق ينعكس فى النهاية على الطبيعة ويؤثر فيها تأثيراً حاداً، وأنه إذا تجاهلنا نداء الروح، ونسينا أننا جزء من الطبيعة فإننا فى الحقيقة نحدث فيها تدميراً هائلاً.
وقال المفتى إن الرؤية التى تميَّز بها الإسلام رؤية متكاملة للكون تدعو الإنسان إلىٰ المحافظة عليه وحسنِ الانتفاع بما فيه من موارد، وطالما أن الكون يُسَبِّحُ رَبَّه ويَحمَد خالِقَه عز وجل، فإن أى اعتداء عليه أو تصرُّف فيه بغير حق يُعَدُّ عَبَثًا وطُغْيانًا يؤدى حتمًا إلىٰ الفساد، وينبغى أن يُجَرَّمَ صاحبُهُ؛ لأن أى اعتداءٍ علىٰ الكَوْنِ يُعَدُّ اعتداءً علىٰ حق الإنسان فى الحياة. والمسلم بهذا التصَوُّر يحترِم جميعَ المخلوقات أصغرِها وأعظمِها، لأنه يراعى فيها عظمةَ مُوْجِدِها ومُدَبِّرِها، وقدرةَ من تَعَبَّدَهَا بالتسبيح والسجود.
وأضاف جمعة "إن الأمير تشارلز كان ولا يزال من أهم مؤيدى تعزيز أواصر التعايش والإخاء بين أتباع الديانات المختلفة، وجهوده لمد الجسور بين العالمين الغربى والإسلامى جديرة بالإشارة فى هذا الصدد، وهو الآن يعمل على نشر مجموعة من خطاباته بالعربية تحت عنوان:"الأمير تشارلز يتحدث"، ضمنها مقدمة تدعو إلى تضافر جهود أصحاب الحضارات فى عصر هيمنت عليه فكرة صراع الحضارات.
فى مقال له بجريدة التايمز البريطانية..
المفتى: العداء بين الغرب والإسلام يعرقل التعايش السلمى
السبت، 24 يوليو 2010 01:21 م
الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة