مع توالى جرائم القتل المتكررة فى مصر، ومع التقدم العلمى الهائل فى مجال الطب الشرعى، والذى يلعب أهم دور فى أى جريمة قتل، فمن الممكن أن يبرئ ساحة متهم أو يدين وهو ما يسمى بطب العدل أو طب القانون، ومصر كانت من أوائل الدول التى عرفت الطب الشرعى منذ عام 1876.
وكانت إدارة الطب الشرعى فى مصر تابعة للنائب العام حتى سنة 1931 مما أثار الكثير من الاعتراضات من هيئات الدفاع أو من الرأى العام، وذلك لأن تبعيتها لممثل الاتهام، وهو النيابة العامة، سوف يؤثر على موقف الطب الشرعى بالنسبة للتحقيق وأمام المحاكم ومنذ ذلك الحين وتتبع إدارة الطب الشرعى وزارة العدل.
وفى قضية خالد سعيد، وحينما أمر النائب العام بإعادة استخراج الجثة وإعادة تشريحها وتضارب تصريحات كبير الأطباء الشرعيين الحالى والأسبق.
بدا أنه يجب أن تتمتع إدارة الطب الشرعى باستقلالية وحصانة، خاصة تمكنها من أداء مهامها دون أن تخضع لأية ضغوط أو أية تأثيرات، فدورها لا يقل أهمية عن دور الأجهزة الرقابية على سبيل المثال، والتى تمتع باستقلالية أو تتبع رئاسة الجمهورية أو رئاسة مجلس الوزراء أو مجلس الشعب، فنحن هنا نهيب بالمشرع أن يعطى للأطباء الشرعيين صفة الضبطية القضائية أو حصانة مكفولة من القانون وأن تكون إدارة الطب الشرعى هيئة مستقلة، حيث إنها مكملة للعدالة ودور الطب الشرعى كرسالة إنسانية تحق الحق بكلمة العلم وهو يخدم العدل والعدالة، فالعدل هو استقامة الأمور ليأخذ كل ذى حق حقه ثوابا أو عقابا، لذلك فهو فى خدمة الجميع شعبا ودولة وهو رسالة قبل أن يكون مهنة تكسب ولقد كان الطب الشرعى منذ نشأته محل اطمئنان جميع الأطراف حكاما ومحكومين لحيدته وكفاءة خبرائه بما بلغوه من مستوى رفيع تشهد به كافة الجهات العلمية والأجنبية التى اتصلت به عن قرب وهو عمل حضارى لا تستغنى عنه أمة متحضرة تقاس به إمكانيات الأمم فى الأخذ بمنهاج العلم وإرساء قواعد العدل وبث الأمن والاستقرار وتثبيت المثل الإنسانية شاخصة فى سيادة القانون.
كما نهيب بوزارة الصحة ووزارة التعليم العالى والبحث العلمى أن يكون لهما دور فى تدريب الأطباء الشرعيين وإيفادهم فى بعثات للخارج لمواكبة كافة التطورات العلمية، وخصوصا مع تقدم العلم وسرعة الاكتشافات العلمية المتوالية، وخصوصا بعد استخدام الحمض النووى Dna والطفرة الهائلة التى أحدثها فى هذا المجال.
إن تحقيق العدالة مسئولية المجتمع ككل ومسئولية الدولة بكل مؤسساتها والعدل من الأسس التى عليها عمار الكون، وصلاح العباد، لذا حث عليه الإسلام وجعله أساسًا للحكم بين الناس: "لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس" صدق الله العظيم.
خالد سعيد
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة