براءة «هايدلينا» تكرار لقصتى نواب القروض وأتوبيس الجزائر التى تم استدراج الرأى العام إليها

مفاجأة هانى سرور تكشف أزمة القضايا الكاذبة فى مصر

الجمعة، 23 يوليو 2010 02:41 ص
مفاجأة  هانى سرور تكشف أزمة القضايا الكاذبة فى مصر هانى سرور لحظة خروجه من السجن عقب قرار الإفراج
عادل السنهورى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هل أصبحنا نعيش عصر القضايا الكاذبة؟ ومن هم أصحاب المصالح والأصابع الخفية التى تقود وتحشد الرأى العام فى مصر ضد بعض القضايا وأبطالها وتقدمهم كرموز للفساد قبل أن يصدر القضاء أحكامه؟

الحكم الأخير الذى أصدرته محكمة النقض ببراءة جميع المتهمين فى قضية توزيع أكياس الدم الملوثة والمعروفة إعلاميا بقضية «هايدلينا» وبطلها الدكتور هانى سرور عضو مجلس الشعب السابق ورئيس الشركة يفرض إجباريا طرح التساؤلات ومحاولة البحث عن إجابات شافية لفك لغز يبدو قاسما مشتركا فى ملفات وقضايا عديدة فى السنوات الأخيرة عكست- ومازالت- صورة غامضة لصراع ثلاثى بين السلطة والمال والنفوذ ومعارك «تكسير العظام» «وصراع الكبار» فى كواليس لعبة السياسة التى ازدادت حروبها اشتعالا مع دخول رجال الأعمال وأصحاب المال إلى المعترك سواء عن دراية ومعرفة بأدوات اللعبة وأرباحها وأيضا مخاطرها أو عن مجرد فضول يفضى فى الأخير إلى نهاية فى غير صالح أبطالها من رجال الأعمال الذين اقتربوا من تخوم السياسة وحاولوا اختراق قواعد اللعبة.

«هايدلينا» ليست آخر «القضايا الكاذبة» التى شغلت الرأى العام فى مصر فى السنوات الأخيرة وتحديدا مع نهاية التسعينيات وكان أبطالها بمثابة «قرابين» للضمير الشعبى لإصدار أحكام ظاهرية حتى قبل أن يفصل القضاء فى الأمر، وهو ما حدث مع القضية التى ذاعت إعلاميا بقضية «نواب القروض» واتهم فيها أعضاء مجلس الشعب توفيق عبده إسماعيل رئيس لجنة الموازنة السابق بالمجلس- رحمه الله- ورجل الأعمال المعروف ياسين عجلان وخالد محمود واستمرت تفاصيلها وزخمها الإعلامى منذ عام 97 وحتى صدور الحكم بالحبس فى 2002، ووقتها قال القاضى أحمد عزت العشماوى فى حيثيات الحكم إنه كان يتمنى إعدام المتهمين لولا أن القانون لا يسمح له بذلك، ثم تم الإفراج عنهم بعد قبول النقض بعد ذلك بسنوات وجاء الحكم بمثابة رد اعتبار متأخر لعمليات الحبس والتشهير الإعلامى بهم وربما كانت تلك القضية البداية فى مسلسل مازال مستمرا فى صراع المال والسلطة والنفوذ.
حتى قضية الاعتداء الشهير على حافلة فريق الجزائر الشقيق قبل المباراة الشهيرة مع الفريق المصرى فى نوفمبر الماضى فى تصفيات كأس العالم كانت «قضية كاذبة» وقاد بعض أصحاب المصالح مع « الجهلاء» الرأى العام ضد بلد عربى شقيق وتسببوا فى فتنة ملعونة مازالت بقاياها مستيقظة بعد أن اتهموا لاعبى الجزائر بافتعال الاعتداء حتى اتضحت الحقائق مؤخرا وأدان الاتحاد الدولى مصر فى الحادث وفرض عقوبات بمنع اللعب فى القاهرة مباراتين.

الملفات والقضايا المفتوحة فى صراع السلطة والمال والنفوذ مازالت مفتوحة ومازالت تشغل الرأى العام باعتبارها قضايا الفساد الكبرى ولم يفصل فيها القضاء ويقول كلمته الأخيرة مثلما قالها فى القضايا السابقة وآخرها «هايدلينا»، ويضاف إلى ملف « القضايا الكاذبة» ملفات جديدة. فمازالت قضية هشام طلعت مصطفى رجل الأعمال الشهير وعضو الحزب الوطنى الحاكم والذى كان مقربا من دوائر صنع القرار فيه، مفتوحة ووقائعها معروفة ومتداخلة ومتشابكة ومتأرجحة بين السياسة والمال والنفوذ، وصدر الحكم فيها شعبيا وإعلاميا حتى قبل أن تصدر محكمة النقض حكمها الأخير لتعلن عن الجانى والضحية فى صراع دولة رجال الأعمال فى مصر التى حاولت ممارسة لعبة السياسة فسقط بعض رموزها حتى لو كانت من داخل القصر الواحد.

قد يجوز اعتبار عصر «القضايا الكاذبة» تجربة مريرة لدولة رجال الأعمال التى تجرأ بعض أفرادها وحاولوا تجاوز الخطوط الحمراء فكان الحصاد أكثر مرارة فى ظل المهارة الفائقة فى استغلال الرأى العام ضد المغضوب عليهم أو من حان وقت الإطاحة بهم لضرورات مرحلة ما أو لاستحقاقات التطهر فى عملية أشبه «بمحاولات غسيل الفساد» مع اقتراب موسم الانتخابات، وهو ما يطرح سؤالا آخر عن بداية غروب دول رجال الأعمال فى مصر، وخاصة الذين التصقوا بالسياسة وبالحزب الحاكم واستقووا بجناح ضد آخر، إضافة إلى جانب آخر فى القضية وهو الصراع الداخلى نفسه بين رجال الأعمال بعضهم البعض.

على سبيل المثال،قضية «جزيرة آمون» ثم «أرض التحرير» دليل واضح على معارك تكسير العظام أو تحطيمها، والبطل فيها هذه المرة المهندس أحمد المغربى وزير الإسكان ورجل الأعمال فى الوقت ذاته الشريك فى مشاريع عقارية شهيرة ووكيل سلسلة فندقية فرنسية شهيرة فى مصر هى شركة «أكور للفنادق» والتى تتبعها فنادق نوفتيل وسو فتيل وأبيس.
وهى القضية التى أثارت ومازلت تثير ردود أفعال وتساؤلات حول إمكانية الإطاحة بالمغربى كما أطيح بشريكه وقريبه محمد لطفى منصور وزير النقل السابق تحت شعار أو «كاموفلاج» أزمة آمون وأرض التحرير للتغطية على صراع خفى تدور رحاه فى كواليس الحزب الحاكم، فالذى فجر القضية هو المهندس هشام مصطفى خليل نائب الحزب الوطنى قبل فض الدورة البرلمانية بأيام قليلة وهو ما يدعو للتساؤل حول سر التوقيت ومن وراءه، فالنوايا فى الظاهر قد تبدو طيبة ولكن ليست كل النوايا الطيبة دائما تؤدى إلى القصد الشريف، فمن الطبيعى أن يتساءل الناس عن سر «الغضبة» وفتح ملفات المغربى من داخل الحزب الذى ينتمى إليه والمفترض فيه أن يحميه من الهجمات المضادة الخارجية، والمحسوب فيه على جناح التغيير والتيار الجديد فى الحزب، والذى تمثله لجنة السياسات، لكن أن تأتى السهام من الداخل فهذا يعنى بقراءة بسيطة أن جناح الرموز القديمة مازال له سطوته وشوكته القوية وسهامه النافذة ويدلل على أن المعركة والصراع لم ينتهيا بعد، وأن الحرب لم تضع أوزارها وأن الرايات البيضاء لن ترفع الآن.

إذن، هى السياسة التى قد لا يجيد فن التعامل بها من أصحاب الثروة إلا قليل تتوافر فيهم شروط خاصة.

السياسة التى امتزجت بدماء المال والنفوذ ورسمت خريطة اقتصادية واجتماعية مشوهة وكشفت عن وجه قبيح لدولة «رجال الأعمال» فى مصر، اهتزت صورتها، كما اعترف بذلك رجال أعمال مؤخرا واعتبروا أن الصورة المأخوذة عن رجال الأعمال فى مصر اهتزت بشكل كبير بعد دخول عدد من رجال الأعمال فى الحكومة الحالية حتى إن البعض أطلق عليها «حكومة رجال الأعمال»، معللاً ذلك بعدم وجود الشفافية بين الحكومة والمواطنين، مما أفقدهم المصداقية، كما أنها تجربة جديدة على المصريين.

تجربة رجال الأعمال لم تكلل بالنجاح، والسلطة والنفوذ قد يفسدان المال-على حد كلام رجال أعمال- فمساهمة وزير النقل السابق ووزير الإسكان فى شركة «بالم هيلز» كانت لها نتائج سلبية على الشركة، وخسرت الشركة حوالى 400 مليون جنيه فى أعقاب فشل صفقة قرية توت آمون وتعرضت خلالها لهجوم وانتقادات عنيفة واتهامات باستخدام سلطة الوزراء فى الحصول على الصفقة.

مجمل الأمر أن مايحدث الآن سواء من صراعات أو قضايا قد تنتهى إلى لاشىء هو الإفراز الطبيعى للتزاوج بين السلطة والمال فى مصر فى غياب قوانين واضحة ومحددة لحدود وطبيعة الدور الذى تدور فى إطاره السلطة ولا يتجاوزه سلاح المال دون تداخل يفضى إلى فساد واستغلال نفوذ. وربما تكون قسوة التجربة دافعا لأن يعيد رجال الأعمال التفكير جديا فى البعد عن السياسة وشرورها بدلا من خوض معارك تسىء كثيرا إليهم سواء كانوا الضحية فيها أو الجناة أو أن تنتهى قضاياهم بالبراءة أمام محكمة النقض.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة