ذات مرة كنت مشتاقا إليها، إلى محبوبتى مصر، فأخبرتها أنى أريد أن أتحدث إليها فلم تجب فى بداية الأمر بسبب قلة يلتفون حولها، لكنى حاولت وحاولت حتى سمحت لى بإجراء هذا الحوار معها، لكنها طلبت منى أن يكون مختصرا قدر الإمكان، لأنها تريد أن تجرى مثل هذا الحوار مع كل أبنائها قبل أن يأتى اللئام ويضعوا حاجزا بينها وبينهم.
لم أتمالك نفسى معها ولم أبد لها الإعجاب لكنى أردت أن أبدا فى الحوار معها سريعا وتوجيه الأسئله لها قبل أن تنتهى المدة المسموحة لى بإجراء حوار معها.
سألتها يا مصر ألا ترين ما حل بنا من ظلام دامس من ظلم وقهر وضعف وتأخر وجهل؟؟
أجابتني:- يا بنى ما تقوله عن الظلام ليس له مكان بين أبنائى الحقيقيين الذين لا يخشون ظلاما، إن الظلام الذى تتحدث عنه أنتم من تركتموه ينتشر وتنتظرون معجزة سماوية لتخلصكم منه، لدرجة أنكم فقدتم الأمل فى أنفسكم لتعودكم على الاعتماد على الغير، وتجاهلكم لمدى قدراتكم وتحديد مصيركم، فبأيديكم تستطيعون أن تنشروا النور الذى يمحو أى ظلام.
سألتها كيف ذلك؟
قالت بنور علمكم تستطيعون أن تمحو ظلام الجهل..
بنور إيمانكم تستطيعون أن تمحو ظلام العادات السيئة والرشوة وعدم إتقان العمل.
بنور أملكم تستطيعون أن تمحو ظلام المجهول وتبنوا مستقبلا كله نور.
بنور ربكم تستطيعون أن تجتازوا ظلام محنتكم.
سألتها:- ألا تشعرين بالعطش، ألا تشعرين بالجوع، ألا ترين الفقر؟؟
أجابتنى:- أجابتنى إنى ارتويت بماء نيلى إلا أنكم لوثتموه بمخلفاتكم.
إنى أكلت وشبعت بخيرات أرضى، إلا أنكم قضيتم عليها بزحفكم عليها، وموادكم المسرطنة.
إنى غنية بثرواتى من حديد وفحم وبترول.
فسألتها لم نجد ذلك فكيف نستفيد مما تقولينه.
قالت:- أطوى الماضى وسر صفحات جديدة يملؤها الأمل، لا تلوث ماء نيلى، لا تعطش أبدا أحرس أرضى لا تجوع أبدا، خذ نصيبك فقط من ثرواتى واعطى كل فرد من شعبى نصيبه لا تفقر أبدا.
سألتها لماذا تقولين ذلك وكلك تفاؤل؟؟!!
أجابتنى: ألم ترى الابتسامة فى وجه أبنائى البسطاء رغم فقرهم!!! ذلك لأنهم شكروا نعمة ربهم.
ألم ترى فى شدة الحرارة فى معظم البلدان، تجد سمائى صافية وحرارتى معتدلة.
ألم ترى مدى الأمل الذى أراه فى وجوه شبابى وأبنائى القادمين الذين يسعون للتغيير ولا يريدون أن يقفوا هكذا أمام الظلام الذى حدثتنى عنه، بل يريدون نشر النور، نور علمهم كما أخبرتك.
واعلم يا بنى أنه لو ظهر على التشاؤم والحزن لن تجد أبدا أبنائى وسط ما تقول عليه ظلام يخرجون ليشعوا نورا.
يا بنى انظر إلى بوجه جديد، ولا تقف هكذا، بل ارعنى أرعاك.
لا أريد أن أسمع منك كلمة "وأنا مالى"، بل مالك ومال أولادك وأحفادك.
إن كنت طالبا فاجتهد فى علمك وفدنى به.
إن كنت رياضيا فاجتهد وحقق بطولات.
إن كنت صامتا فلن يفيدك الصمت بل اصرخ بأعلى صوتك لكى أراك، فكيف أراك وأنت تتوارى خلف ستار، وكيف أسمع صمتك.
لى رجاء قبل أن أتركك وأرحل، لا تتحدث مع باقى أبنائى،
ابدأ بنفسك وشارك فى صنع حضارتنا من جديد، لا تعتمد على الماضى فقط بل قم ببناء المستقبل.
فمن الجميل أن نفتخر بحضارتنا، ولكن من الأجمل أن نتباهى بمستقبلنا.
إليك كلماتى الأخيرة وألقاك على خير.
- والغ هذه الكلمات من قاموسك (وأنا مالى – خلينى فى حالى – مفيش فايدة – مستحيل – لازم أهاجر – مليش عيش فيها).
- ألقاك يا ولدى عن قريب لتخبرنى ماذا فعلت من أجلنا جميعا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة