60 عاماً من «الخيبة» الجاسوسية للموساد

الجمعة، 23 يوليو 2010 02:11 ص
60 عاماً من «الخيبة» الجاسوسية للموساد دايان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
النجاح فى عالم المخابرات له مقاييس مختلفة تماماً عن أى شىء آخر، فإنجاز الهدف وحده ليس كفيلاً بتحقيق النجاح، بل الأهم من ذلك إنجاز الهدف دون ترك آثار تقود إلى فاعله، ولذلك فبسبب الدعاية الفجة التى يبثها الموساد عقب كل عملية اغتيال أو اختطاف لا يكاد يكمل قياداته احتساء كأس الفرحة حتى يفاجأوا بأخطاء قاتلة وثغرات استخباراتية لتطيح بأهم مخططيه وضباطه، بل قيادته، وهو ماجعل الحكومة الإسرائيلية ترفض تمويل احتفالات ذكرى تأسيس الجهاز فى سبتمبر القادم بمناسبة 60 عاماً على إنشائه.

كان أول سجل لفشل الموساد على الأراضى المصرية حينما كشفت أجهزة الأمن «المباحث العامة سابقاً» برئاسة زكريا محيى الدين عام 1954 شبكة تجسس إسرائيلية لتخريب المصالح الأجنبية فى مصر وتعطيل اتفاقية الجلاء.

«فضيحة لافون» وقد تم كشف مخطط تلك الوحدة بالصدفة عندما احترقت عبوة ناسفة قبل الأوان فى جيب «فيليب ناتاسون» أحد أعضاء الوحدة أمام دور السينما بالقاهرة.
ولم تكد تسقط شبكة بنحاس لافون حتى سقطت شبكة أخرى برئاسة الجاسوس «لوتس» ملك الخيول الألمانية فى مصر الذى كشفته أساليب التنصت البدائية فى شقته الفاخرة بالزمالك، داخل الحمام.

ويشير كتاب إخفاقات الموساد لاورى دان، إلى أن هذا الجهاز نفذ عملية اغتيال خاطئة شوهت سمعته عام 1974 عندما اغتال خمسة من عملاء الجهاز أحمد بوشيقى، وهو مواطن من أصل جزائرى كان يحمل جواز سفر مغربيا، وذلك فى مدينة ليلهامر بالنرويج، ظناً منهم أنه على أحمد سلامة، مسؤول استخبارات منظمة التحرير الفلسطينية، والذى يعتقد أنه العقل المدبر لعملية اختطاف الرياضيين الإسرائيليين بدورة الألعاب الأولمبية بميونيخ عام 1972.

وعقب عملية الاغتيال ألقت السلطات النرويجية القبض على عملاء الموساد وتمت محاكمتهم والحكم عليهم بالسجن بأحكام متفاوتة، فى الوقت الذى أنكرت فيه إسرائيل مسؤوليتها عن الحادث، بينما تبين فيما بعد أن الحكومة الإسرائيلية قد وافقت على تعويض أسرة أحمد بوشيقى نظير القتل الخطأ وذلك فى فبراير 1996.

ومن العمليات التى تسببت فى فضيحة مدوية للموساد أمام حلفائه الأردنيين محاولة اغتيال خالد مشعل مدير المكتب السياسى لحركة حماس، ففى 25 سبتمبر عام 1997، وبتوجيهات مباشرة من رئيس الوزراء الإسرائيلى فى هذا الوقت بنيامين نتنياهو، قام 10 من عناصر الموساد بالدخول إلى الأردن بجوازات سفر كندية مزورة، وكان مشعل يقيم فى الأردن بصفته حاملاً للجنسية الأردنية، وتم حقنه بمادة سامة أثناء سيره فى شارع وصفى التل فى العاصمة عمان، لكن رجال الأمن الأردنيين تمكنوا من إيقاف عميلين، وتدخل العاهل الأردنى الراحل الملك حسين بنفسه فى هذه القضية وطلب من إسرائيل المصل المضاد للمادة السامة التى تم حقن مشعل بها، لكن نتنياهو رفض فى البداية، لكن مع تحول الأمر إلى قضية سياسية، وتدخل فيها الرئيس الأمريكى وقتها بيل كلينتون، رضخ نتنياهو وقدم المصل المضاد للأردن وتم إنقاذ مشعل.

الغريب فى الأمر أن استخدام جوازات السفر المزورة فضحت الموساد فى عام 2004، عندما قام عملاؤه بسرقة جوازات سفر بنيوزيلاندا أضرت كثيراً بالعلاقات بين البلدين. الشىء نفسه حدث مع سويسرا عام 2000 عندما صدر حكم بسجن عميل إسرائيلى بعد أن تم ضبطه وهو يزرع نظام تنصت بمنزل أحد المواطنين اللبنانيين فى بيرن.

وعلى الرغم من معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل التى وقعها كل من الرئيس المصرى الراحل محمد أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلى، مناحم بيجن، فإن تل أبيب لم تتوقف عن نشاطها فى تجنيد أفراد للتخابر على المصالح القومية المصرية، فقد كشفت الأجهزة الأمنية المصرية فى السنوات الأخيرة عن قضايا تجسس عديدة عن طريق الموساد الإسرائيلى، وكانت المفاجأة عندما تم الإعلان عن سقوط سبع شبكات تجسس إسرائيلية أشهرها قضية عزام عزام، الإسرائيلى الدرزى الذى ظل قابعاً فى سجون مصر بعد إدانته بالتجسس، وهو الذى كان يعمل تحت ستار تجارة النسيج، وخرج عزام عزام فى صفقة سياسية عام 2004 مقابل إعادة الدولة العبرية ستة من الطلبة المصريين الذين اختطفتهم إسرائيل، وتوالى سقوط عدد من جواسيس الموساد فى مصر من بينهم شريف الفيلالى الذى قدم معلومات عسكرية واقتصادية لإسرائيل، وصدر حكم بسجنه 15 عاماً حتى توفى فى السجن عام 2007، وكذلك قضية المهندس النووى محمد سيد صابر الذى كان يعمل بهيئة الطاقة الذرية وتمت إدانته بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وهو لا يزال مسجوناً حتى الآن.

ومن أشهر قضايا الجاسوسية كانت قضية الجاسوس «سمير عثمان» فى أغسطس 1997 عندما سقط فى يد رجال الأمن أثناء قيامه بالتجسس مرتدياً بدلة غوص، حيث كانت مهمته التنقل عائما بين مصر وإسرائيل بعد أن جنده الموساد، واعترف بأنه تم تجنيده عام 1988 على يد الموساد بعد أن ترك عمله فى إحدى الأجهزة المصرية، حيث سافر إلى اليونان والسودان وليبيا ثم إلى تل أبيب، حيث جهز له الموساد 4 جوازات سفر كان يستخدمها فى تنقلاته، وأثناء تفتيش منزله عثر على مستندات هامة وأدوات خاصة تستخدم فى عمليات التجسس التى قام بها.

ويبدو أن تزوير جوازات السفر هو أحد أهم التكتيكات التى يعتمد عليها عملاء الموساد، وتحديداً وحدة «كيدون» السرية أو وحدة الاغتيالات التى تعد واحدة من أهم الوحدات التى يعتمد عليها الكيان الاستخباراتى بأكمله فى إسرائيل، حيث يتم من خلالها التخطيط لعمليات الاغتيال المستهدفة وتنفيذها، وهى آلية فاشلة أوقعت إسرائيل فى أزمات مع العديد من الدول الصديقة كان آخرها بريطانيا. وربما كانت عملية اغتيال قيادى حركة حماس محمود المبحوح فى دبى التى وقعت فى يناير الماضى، هى التى فجرت أحدث الأزمات أو الفضائح التى يتعرض لها الموساد بسبب سوء التخطيط لها، فالعملية اعتمدت بشكل شبه تام على دخول عملاء الموساد للبلاد بجوازات سفر بريطانية وأسترالية مزورة.

ورغم مرور ستة أشهر على اغتيال المبحوح، الذى كانت إسرائيل تعتبره مسؤولاً عن خطف وقتل جنديين إسرائيليين خلال الانتفاضة الفلسطينية الأولى ومسؤولاً عن تهريب الأسلحة من إيران إلى قطاع غزة، فلا تزال هذه القضية تمثل صفعة جديدة للموساد أطاحت برئيسه مائير داجان.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة