أعلن بوش الأب إبان عملية تحرير الكويت فى عام1990 عن "النظام العالمى الجديد" الذى تقوده الولايات المتحدة منفردة أى تنصيب الولايات المتحدة لنفسها كقوة مهيمنة، انعكس ذلك على فكر خبراء العلاقات الدولية وتنبؤاتهم التى منها ما يؤكد على أن الهيمنة الأمريكية فى طريقها إلى التلاشى، استنادا إلى معطيات منها تراجع قدرات وإمكانيات أمريكا التى مكنتها من الهيمنة سواء تراجع القدرات العسكرية والاقتصادية أو تراجع جاذبية الثقافة والدبلوماسية الأمريكية، فى حين ذهبت تحليلات أخرى مثل جوزيف ناى الذى يرى أن اعتماد أمريكا على "القوة الذكية" التى تستخدم بطريقة متوازية "القوة الصلبة" أى التفوق العسكرى مثلا إلى جانب "القوى الناعمة" أى الخطاب الدعائى والثقافة والدبلوماسية الأمريكية وبتلك السياسية تتحول الهيمنة الأمريكية من "هيمنة قسرية" إلى أخرى "هيمنة رضائية"، لكن المعطيات التى بين أيدينا تؤكد استمرار الهيمنة الأمريكية القسرية منذ أن بدأت، حيث بدأ أقوى ظهور لتلك الهيمنة منذ عملية عاصفة الصحراء أغسطس 1990 أى تقريبا بعد الحرب الباردة وسباق التسلح واستمرت هكذا طويلا تدعم تواجدها العسكرى ومصالحها الاقتصادية وسيطرتها على الطاقة وتدعم إسرائيل حتى وقعت أحداث سبتمبر التى تبعتها سلسلة من نوبات "هيستريا الهيمنة" حيث غزت أفغانستان ومن بعدها العراق وكشفت المصادر عن نظرية التفوق العسكرى الأمريكية كانت تعتمد على الدخول فى حربين فى مكانين من العالم خارج أمريكا وكان مخطط لذلك حتى قبل أحداث 9/11 التى كانت مجرد شرارة لبدء إشعال الأرض نارا تلظى بل والمجال مفتوح لساحة ثالثة قد تكون إيران أو السودان أو اليمن حيث يخطأ كل من يضع الآمال العريضة فى عبارات أوباما الرنانة وخطاباته العاطفية -التى وصفتها الكاتبة الأمريكية كاثلين باركر بالنعومة الأنثوية- فأوباما له استراتيجية واضحة فى أفغانستان تقوم على حرمان القاعدة من التمتع بملجأ آمن فى منطقة الحدود الأفغانية – الباكستانية" أى إرهاب الإرهابيين" وزيادة التواجد العسكرى الأمريكى بإضافة 30 ألف جندى أمريكى إلى قوات أمريكا –لتصل إلى 100 ألف جندى أى 3 أضعاف القوات غير الأمريكية-هذا بالإضافة إلى تدريب الجيش قوات الجيش والأمن الأفغانية من أجل تأهيلها لمواجهة تهديد الجهاديين المسلحين، وأن أمريكا ستبدأ سحب قواتها من أفغانستان يوليو2011، وهذا ليس تحديدا لموعد بدء الانسحاب ولم يشر إلى انسحاب كامل، حيث سيعتمد الانسحاب على تطورات الأوضاع على الأرض و تطورات ملف إيران وكوريا الشمالية واعتبارات أخرى قد تتعلق بأصوات الناخبين فى انتخابات الكونجرس، وفق نظرية "حرب صرف/تضليل الأنظار"...إلخ. الخلاصة أن الهيمنة الأمريكية هيمنة قسرية تبحث دائما عن عدو وساحة للقتال وللتوغل إلى مصادر النفط ولاعتبارات جيو- استراتيجية يفرضها موقع أمريكا فى سلم القوى العالمى. ولعل السؤال الأهم: ما مستقبل الهيمنة الأمريكية؟ و بالطبع الإجابة عليه تحتاج تحليلا لاحقا.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة