حلم جميل تعيشه القارة السمراء بعد أن ظلت تعيش منزوية عن عالم المونديال إلى أن انطلقت صافرات الحكام ببدء كأس العالم 2010 لأول مرة فى تاريخ القارة السمراء بجنوب أفريقيا.. لكن الحلم الأكبر لا يمكن أن يكتمل إلا إذا استطاعت إحدى القوات الكروية الأفريقية كسر احتكار أوروبا وأمريكا اللاتينية فى رفع الكأس العظمى.
فاكتمال الحلم الكبير يحتاج إلى الإجابة عن الأسئلة التى تتبادر إلى الأذهان وتظل حائرة بلا إجابة وهى: متى يسقط احتكار دول أمريكا الجنوبية وأوروبا للقب؟ وهل اقترب الأفارقة فعلاً من التتويج بالمونديال بعدما أصبح نجومهم مركز الثقل فى أقوى أندية العالم؟ وهل تصدق يوماً ما توقعات الأسطورة بيليه الذى أشار إلى أن وقت أفريقيا قد حان؟، علما بأن توقعات «الملك» البرازيلى فى شأن أفريقيا يصعب تصديقها حتى الآن.
الإجابة عن هذه الأسئلة عادة ما تكون صعبة للغاية، إلا أن تغير خريطة الكرة الأفريقية وغزو اللاعبين الأفارقة للملاعب العالمية والنجاحات التى حققوها خلال السنوات الأخيرة يدفعنا إلى التفاؤل، ولم لا وقد حقق منتخب شباب غانا العام الماضى إنجازاً غير مسبوق عندما أحرز لقب بطولة كأس العالم للشباب على حساب البرازيل، فى بطولة نُظّمت على أرض بلد أفريقى هو مصر.
بنظرة فنية مبدئية من خلال مونديال جنوب أفريقيا الدائرة فعالياته حالياً، على مستوى المنتخبات الأفريقية الستة المشاركة وهى الكاميرون وكوت ديفوار ونيجيريا وغانا وجنوب أفريقيا والجزائر، نجد أن منتخبا كوت ديفوار وغانا قدما أداء جيدا فى هذا المونديال وقدم الباقون أداءً مشرفاً فى حدود المتاح.
وعلى النقيض تماماً، فهناك اتجاه آخر يرى بأن أبطال كأس العالم يولدون تقليدياً من خلية جينية محدودة بدليل أن سبعة فائزين فقط بالبطولات الثمانى عشرة التى أقيمت عبر تاريخ المونديال، وهكذا فإن التاريخ يشير إلى أنه من غير المرجح ظهور فائز جديد خارج عن عباءة أوروبا أو أمريكا اللاتينية.
هذا الاتجاه مبنى على أساس أن المنتخبات الأفريقية تواجهها العديد من الصعوبات والمعوقات التى عادة ما تحول دون منافستها على البطولات الكبرى بغض النظر عن المستوى الفنى وخبرة اللاعبين وعاملى الأرض والجمهور بالتركيبة السكانية والبنية التحتية للمواطن الأفريقى.
بعيداً عن النواحى الفنية، وفيما يتعلق بالبنية التحتية الرياضية فى أفريقيا مقارنة بمثيلتها فى أوروبا، فقد شهدت معظم الدول الأفريقية طفرة إنشائية غير مسبوقة فى العقدين الأخيرين بما يجعلها قادرة من الناحية التنظيمية على استضافة المونديال فى المناسبات القادمة ما يعنى أن مونديال جنوب أفريقيا لن يكون الأخير أفريقياً خلال هذا القرن.
ورغم ما يتردد حول المشاكل والسلبيات العديدة التى يعانيها تنظيم المونديال الأول فى أفريقيا، فإن الحقيقة تقول غير ذلك، فجنوب أفريقيا امتازت باتخاذ خطوة إيجابية أولى الإيجابيات الموجودة الآن فى عملية التنظيم، هى توافر المنشآت الرياضية من ملاعب رئيسية وملاعب تدريب على أعلى مستوى، ويكفى أنه قبل انطلاق المونديال تم تأسيس خمسة استادات جديدة، أبرزها ستاد سوكر سيتى الذى استضاف مباراة الافتتاح المونديالى، وهو ملعب مجهز على الطراز الأوروبى ويضاهى الملاعب الكبرى فى أوروبا، إلى جانب أيضاً افتتاح ستاد نيلسون مانديلا العملاق، وساهم فى إنجاز هذا الأمر توافر كبرى شركات المقاولات والعقارات فى أوروبا بجنوب أفريقيا كفروع لها فى القارة الأفريقية، ولكن المشكلات الاقتصادية والصحية وغياب رعاية الطفل بالإضافة لمشكلة الأمية تظل عائقاً أو هى الأساس وأى طفرة هى الاستثناء، هذا هو حال أفريقيا.
أما قارة آسيا.. فهناك أيضاً تساؤلات حائرة تدور بشأن المنتخبات الآسيوية وغيابها الدائم عن المنافسة على لقب المونديال، وإذا كانت المنتخبات الأفريقية يتعذر عليها المنافسة لأسباب تتعلق بالإمكانات المادية والصحية والاقتصادية وأنها قارة طاردة لمن يحلموا بالحداثة، فإن هذه المشكلة تنتفى تماماً مع المنتخبات الآسيوية فى ظل الإمكانات المادية الهائلة التى ترصدها الدول والأندية والاتحادات الأهلية على كرة القدم، إلا أن الحقيقة المرة وراء ابتعاد الكرة الآسيوية عن المنافسة على بطولات المونديال تتمثل فى التفاوت الكبير فى المستوى الفنى بين منتخبات القارة، وهو ما يضعف جميع البطولات التى ينظمها الاتحاد الآسيوى لكرة القدم، بالإضافة إلى أن كرة القدم لا تمثل اللعبة صاحبة الشعبية الأولى فى جميع دول القارة، ما يعنى أن هناك تفاوتاً كبيراً فى الاهتمام بتطوير اللعبة من دولة لأخرى، ولعل باكستان والهند وإندونيسيا أكبر مثال على ذلك.
أضف إلى ذلك مشكلة أخرى، وهى غياب اللاعبين الآسيويين عن الظهور فى الدوريات الأوروبية، عكس ما يحدث فى القارة السمراء، وسبب هذه الأزمة هو ارتفاع المقابل المادى الذى يحصل عليه اللاعبون فى الأندية الآسيوية وهو ما يجعل اللاعبين يفضلون البقاء فى أنديتهم على الغربة واللعب فى الدوريات الأوروبية فى ظل التقارب الشديد بين ما يحصل عليه اللاعب فى ناديه الآسيوى وما سيحصل عليه فى حالة الاحتراف لأن مستواه لايسمح له بالتواجد مع كبار أوروبا، مثلما هو الحال فى استحالة أن نرى نجوم أوروبا وأمريكا اللاتينية يلعبون لأندية أفريقية أو آسيوية.
هذا إلى جانب المشكلات المعروفة.. ضعف البنية الجسدية لدى لاعبى عرب أسيا مقارنة بنظرائهم فى أفريقيا، بالإضافة إلى عاملى القرب الجغرافى واللغة لدى لاعبى شمال أفريقيا والذى يمثل سبباً مهماً فى انتشار الاحتراف لديهم أكثر منه فى الخليج العربى.. ويبقى الأمل مجرد حلم لحين إشعار آخر.
متى يكسر المونديال احتكار أوروبا وأمريكا اللاتينية للألقاب؟!
الجمعة، 02 يوليو 2010 02:08 ص
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة