حتى بعد قرار إحالة المخبرين المتهمين بقتل خالد سعيد، فإن كثيرين يشكون ويقولون إنها حركة أو لعبة سرعان ما تنتهى بتبرئة المتهمين، بالرغم من أن النائب العام هو الذى قرر إعادة فتح التحقيق وتشريح الجثة مرة أخرى واستدعاء الشهود، إلا أن البعض يصر على التشكيك فى الأمر كله ويعتبره خطوة لامتصاص الغضب.
وليست قضية خالد سعيد وحدها التى ينظر البعض لها بعيون الشك، هناك قضية هشام طلعت وغيرها يظل الرأى منقسماً حولها والشكوك تحيط بها طوال الوقت، والسبب هو غياب الحقيقة، ووجود شعور دائم بالشك فى الكثير من الإجراءات والتحقيقات، غالبا الشك يكون باتجاه المتهم مثلما حالة هشام، بينما الشك يأتى بتوقع إدانة الضعيف مثلما فى حالة خالد، بل إن الشكوك تمتد فى كثير من الأحيان إلى أحكام تبدو مستندة لوقائع مثل قضية العيساوى الذى لا يزال كثيرون يشككون فى أنه قاتل هبة ونادين، مع العلم أن محاكم الجنايات لا تصدر حكم الإعدام إلا بإجماع الآراء. ربما لا تستند الشكوك على وقائع، لكنها تعمل بالقياس وتستند على فساد لتفسير فساد، كما أنهم قد يستندون إلى ما نجح بتوصيله المحامون الذين أصبحوا يلعبون على الإعلام أكثر مما يفعلون أمام المحاكم.
كل هذه الشكوك التى تمتد إلى كل إجراء وكل خطوة، وكل تصرف قضائى يزداد كل يوم بفعل الكثير من العوامل، منها غياب المعلومات والشفافية، فلو كانت هناك شفافية لتم من البداية الإعلان عن إحالة المخبرين المتهمين للتحقيق مع إعلان نتائج التحقيقات، لكن البيانات التى نشرت وحاولت الإساءة للقتيل بدت نوعاً من الحمق، وكان الداخلية كلها تحمى المخبرين أو تحمى المتهمين. ولو كان الأمر طبيعياً لوفرنا على أنفسنا الكثير من الجهد والوقت، أن يحال المتهم للتحقيق أمر لا يمثل صعوبة ولا يعتبر إهانة أو تقليلاً من هيبة الشرطة، بل العكس فإن الشفافية تزيد من الثقة والهيبة، أما غياب العدالة وازدواجيتها فهو ما يزيد الشك فى نظام العدالة، ولا توجد قضية رأى عام إلا وتظل الشكوك حولها مهما كانت الأحكام. وحتى قبل المحاكمات غالبا ما تلعب الجهات المختلفة على الإعلام الذى يتبنى بقصد أو بدون وجهات نظر جهة أو طرف، ومن هنا ينشأ الشك الخطر فى كل القرارات والمؤسسات والجهات.
وأخطر ما يقابل مصر الآن، هو فقدان الثقة فى السلطات المختلفة، استنادا لتراث وأساطير من الفساد، ولو نظرنا حولنا وقلبنا عناوين قضايا استغلال النفوذ أو الفساد الرسمى ربما يصعب على أحد الاحتفاظ بعقله سليماً.
ومن هنا فإن الشك غالباً يمتد ويتواصل، استناداً إلى حالات رشوة أو فساد فى المؤسسات التى يفترض أنها تقيم العدل، وهنا يكون الشك دائماً وما أن يصدر قرار، يصيح البعض "ماتصدقهوش"، لأن الذى اعتاد على الشك من الصعب عليه أن يثق بسهولة، ومن هنا يتوقع الناس دائما أن يتعرض الفقير الضعيف للظلم، وينتظر المال والنفوذ، كما فى الواقع وليس فى أفلام السينما.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة