بحسرة كبيرة تتحدث الصحف الفرنسية عما حدث لمنتخب بلادها فى جنوب أفريقيا، وبحسرة أكبر تتحدث عن عصر جديد دخلت خلاله الكرة الفرنسية نفقا مظلما وأصبحت فى مصاف الدول الضعيفة.
وطالب الناقد الرياضى الأشهر «إروان لودوك» جمهور الكرة الفرنسية بنسيان إنجاز الفوز بكأس عالم 98 وأمم أوروبا 2000، باعتبارهما من زمن لن يعود ولأنهما أيضا السبب فى الكارثة التى تعيشها الكرة الفرنسية!
الغريب فى الأمر أن انطلاق الديوك الفرنسية نحو الفوز بكأس عالم 98 الذى نظمته باريس، كان من خلال رباعية فى شباك جنوب أفريقيا، وكان ذلك هو أول لقاء للفريقين فى المجموعة، واليوم تغادر فرنسا المونديال من الباب الضيق وعلى يد جنوب أفريقيا أيضا بعدما انقلبت الآية، فقد دارت الأيام وأصبح أصحاب البشرة السمراء البلد المضيف وأكرموا ضيوفهم بهدفين فى آخر ظهور لمعظم أفراد هذا الجيل الفرنسى بالمونديال، علما بأن فرنسا قبل 98عجزت عن بلوغ بطولتى 90 بإيطاليا و94 بالولايات المتحدة، وخرجت من مونديال 2002 من الدور الأول أيضا دون أن تسجل هدفا واحدا.
الخبراء فى فرنسا يجمعون على أن الفضل فى إنجاز 98 لعبقرية المدير الفنى فى ذلك الوقت إيميه جاكيه، وجيل يصعب تكراره من اللاعبين على رأسهم النجم الشهير زين الدين زيدان ولوران بلان (المدير الفنى الجديد للديوك)، وديديه ديشامب، ولكن المسؤولين فى اتحاد الكرة الفرنسىFFF نسبوا الفضل بالكامل لأنفسهم واتخذوا من ذلك ذريعة للبقاء فى مقاعدهم لوقت غير معلوم، ولعل هذا هو السبب فى أن كثيرين صبوا جام غضبهم على رئيس الاتحاد جان بيير إسكاليت الذى يعمل كعضو وأمين عام الاتحاد ثم رئيسا له منذ منتصف الثمانينات وحتى الآن، ويتحمل القسط الأكبر من المسؤولية بإصراره على بقاء رايمون دومينيك، المدير الفنى للفريق، بعد الفشل الذريع المتمثل فى الخروج من الدور الأول لنهائيات أمم أوروبا 2008، لا سيما أن اللاعبين أنفسهم اعترضوا على استمراره وشكك معظمهم فى قدراته الفنية، خاصة أنه «تقليدى جدا ولا يعرف شيئا عن الكرة الهجومية» على حد وصف اللاعب ويليام جالاس. صحيفة «لوموند» أوسع الصحف الفرنسية انتشارا، قالت فى تحليل مطول عن أداء المنتخب الفرنسى فى المونديال، إن جان بيير اسكاليت اغتصب إنجاز جاكيه وجعل منه «أم الانتصارات» للكرة الفرنسية، ولكن جاء الوقت الذى يجب أن نقتل فيه هذه الأم لأنها تحولت إلى «أم المصائب»، التى حرمت فرنسا من التطور، فقد ضاع الوقت فى البحث عن نسخة من زيدان ورفاقه، ولم تنتبه فرنسا إلى دول مثل إسبانيا وألمانيا ارتقت بأجيال جديدة من اللاعبين صغار السن الذين يتميزون بالسرعة الفائقة والقدرة على التحكم فى «رتم» أى مباراة.
وزيرة الرياضة الفرنسية، روزلين باشيلو، قالت إن فرنسا تواجه كارثة أخلاقية ورياضية تسبب فيها اللاعبون والمدرب واتحاد الكرة، وأضافت الوزيرة:«اللاعبون لن يتقاضوا أى مكافآت والمدرب سيرحل بكل تأكيد.. يتبقى اتحاد الكرة الذى لا يمكن إقالته لأنه منتخب بشكل ديمقراطى ولكن عليه أن يتحمل مسؤولياته وأن يرحل من تلقاء نفسه لا مفر من ذلك». وفى الوقت نفسه استغل معارضو الرئيس الفرنسى ساركوزى الفرصة لشن الهجوم عليه سياسيا، فقد شبهه دانيل كون بوندى، النائب بالبرلمان الفرنسى، باللاعب نيكولا أنيلكا وذلك فى إشارة لتدنى المستوى الأخلاقى لكليهما.. أنيلكا بتعديه بألفاظ نابية على المدير الفنى رايمون دومينيك، وساركوزى بسبه فلاحا فرنسيا بأمه بألفاظ نابية أيضا، حينما مد ساركوزى يده إليه ليصافحه ولكن الفلاح رفض قائلا: «لا أريد أن تتسخ يداى»، وكان يريد بذلك إبداء احتجاجه على سياسات الرئيس الفرنسى، وقال دانيل كون بوندى إن كل ما حدث فى جنوب أفريقيا يدل على أن «بدلة الرئاسة ليست على مقاس ساركوزى».
برلمانى فرنسى: فشلنا.. لأن ساركوزى مثل أنيلكا!
الجمعة، 02 يوليو 2010 02:08 ص
جنوب أفريقيا.. بوابة الديوك لدخول التاريخ والخروج منه أيضاً<br>
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة