د. محمد سيف

أنا مسلم قبطى.. وأنت مسيحى عربى

الإثنين، 19 يوليو 2010 06:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
هناك أيدى خفية تسعى للعبث بنسيج الوحدة الوطنية للأمة المصرية، وهناك قلة جاهلة سواء بعلم أو بغير علم تنساق وراء هذه الدعوة ظنا منها أن ذلك قد يحقق لها بعض المكاسب العاجلة.

ولكن حقيقة الأمر أن العبث بنسيج الوحدة الوطنية والسعى إلى تمزيقه لن يجر وراءه إلا المعاناة والرهق لأبناء الأمة المصرية، سواء من شارك فى ذلك أو من سكت عنه أو من تغافل عنه أو من وقف موقف المتفرج، لذا وجب على العقلاء من بنى أمتنا المصرية أن يهبوا للدفاع ضد محاولات تمزيق الثوب المصرى حتى لا تظهر العورات ويحدث ما لا يحمد عقباه، ولن يكون هناك مستفيد من وراء ذلك إلا العدو المتربص خلف الحدود، ينتهز الفرصة لينقض علينا إذا ما تقطعت الأواصر بيننا أو انتقض العهد بيننا أو تنصل البعض منا من مصريته وعروبته ووطنيته وقوميته ودينه.

قواسم كثيرة تجمعنا نحن أبناء الأمة المصرية، أولها أننا أبناء أب واحد هو آدم عليه السلام ونحن والبشرية جمعاء شركاء فى ذلك، ولذلك قال نبينا صلى الله عليه وسلم " كلكم لآدم وآدم خلق من تراب لا فضل لعربى على عجمى ولا لأحمر على أسود إلا بالتقوى".

ثانيها أننا أبناء وطن واحد هو مصر، ومصر فى اللغة اليونانية القديمة ايكيبتوس ومنها جاءت الكلمة الإنجليزية إيجبت، ومنها اشتقت كلمة إيكبتيوس أو كيبتياس أى المصرى، والتى ترجمت إلى اللغة العربية إلى القبط.

والقبط قبل الإسلام كانت تعنى ساكنى وادى النيل، أى الشعب المصرى، يتضح ذلك من الرسالة التى أرسلها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس ودعاه فيها بعظيم القبط فى مصر، ولذلك فإن كل مصرى هو قبطى وليس بالمعنى الضيق الذى يفهمه البعض أن القبط هم إخواننا المسيحيون فقط، بل كل مصرى مسلم أو مسيحى هو قبطى، ذلك لأن كل المصريين الذين دخلوا فى الإسلام بعد الفتح الإسلامى وإلى وقتنا هذا سواء كانوا مسيحيين أو عباد أوثان أو غيرهم، هم مسلمون أقباط، إذن يمكننى القول إننى مسلم قبطى كما أنك مسيحى قبطى.

وفى بحثه القديم حول تركيب الحامض النووى DNA للمجتمع المصرى، أثبت العالم الأمريكى فرانك يوركو عام 1996 بجامعة نورث كارولينا، أن الحامض النووى للمجتمع المصرى الحديث يشبه بنسبة 85% الحامض النووى للقدماء المصريين، وكما هو معروف أن الحامض النووى يستخدم فى كشف نسبة الأبوة فى عصرنا الحديث، وذلك عندما يتنصل والد من ولده أو يدعى بعدم نسبة الولد إليه.

ثالث هذه القواسم هو أننا جميعا عرب، تارة بالأصل لأن أهل مصر، كما يقول التاريخ، بالأساس نزحوا إليها فى العصر البليوسيتى من المناطق المحيطة ومنها شبه الجزيرة العربية بعد ما أصابها القحط والجفاف، وتارة بالنسب لأن هاجر المصرية هى زوج إبراهيم عليه السلام وهى أم العرب المستعربة، الذين جاؤا إليها بعد ذلك مع الفتح الإسلامى لمصر، وتارة بالمصاهرة لأن نبينا صلى الله عليه وسلم تزوج من مارية القبطية التى أهداها إليه المقوقس عظيم القبط فى مصر، كما أن العرب الذين دخلوا مصر سواء قبل الإسلام أو بعده صاهروا المصريين وتزوجوا منهم، كما أنه كما يقول علماء اللغة إن العربية اللسان، أى أن كل من يتكلمون العربية هم من العرب، كما أنه كان قبل الإسلام عرب مسيحيون كعدى ابن حاتم الطائى وكنصارى نجران. إذن يمكننا القول إنك مسيحى عربى كما أننى مسلم عربى.

أما القاسم الرابع فإن أبناء الأمة المصرية جميعهم أبناء ديانات سماوية، نزلت من قبل رب العالمين، دين الإسلام الذى أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم، ودين المسيح عيسى عليه السلام، وكلتا الديانتين تدعو إلى عبادة الله وفق معايير وضوابط قد تتفق فى بعض جزئياتها وتختلف كثيرا عن المعايير والضوابط التى تدعو إليها كثير من الأديان الأخرى، كما أن كل نبى اعترف بالآخر، فعيسى عليه السلام بشّر بقدوم محمد صلى الله عليه وسلم ومحمد يعترف بعيسى عليه السلام نبيا ورسولا، بل من أولى العزم من الرسل، وعيسى ومحمد صلى الله عليهما وسلم هما أبناء إبراهيم عليه السلام أبو الأنبياء.

أما القاسم الخامس أن الإسلام والمسيحية يدعوان إلى الرحمة والمودة والتسامح، فهذا عيسى عليه السلام يقول داعيا إلى التسامح "من ضربك على خدك الأيمن فأدر له خدك الأيسر"، أما إسلامنا فيدعو إلى المودة والقسط فيقول "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم فى الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين"، ويدلنا على مدى قربنا من النصارى المسيحيين ومودتهم لنا فيقول " ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى".

أو ليست هذه القواسم تجعلنا وحدة واحدة نحن أبناء مصر وتدفعنا إلى التواد والتراحم والعدل بيننا، وأن ننبذ العنصرية التى يريد أعداء الأمة زرعها بيننا، وأن نرجع ثانية مترابطين متحدين ضد ما يحاك لهذه الأمة؟ سؤال سيجيب عنه العقلاء بالأفعال لا بالأقوال.

* أكاديمى مصرى








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة