حسب التقرير الذى ترجمته فى اليوم السابع إنجى مجدى قالت مجلة الإيكونومست البريطانية أن ثورة يوليو 1952 أسست نظاما تعليميا فاسدا فى مصر، وأوردت المجلة الكثير من الحقائق منها أن نظام التعليم الفاسد فى مصر يقود البلاد إلى الهبوط.
واستندت المجلة إلى دراسة حكومية تقول إنه بعيدا عن الكتب المدرسية فإن 88% من الأسر المصرية لا يقرءون الكتب، وأن ثلاثة أرباع الأسر لا تقرأ أى صحف أو مجلات، ومن بين أولئك الذين يقرءون فإن 79% يركزون على الموضوعات الدينية فقط.
وتختم المجلة أن المستوى التعليمى المصرى الآن يضاهى المستوى فى كوريا الجنوبية فى الستينيات وفى تركيا فى الثمانينات، بل يضاهى نظيره الأوروبى فى نهاية القرن التاسع عشر، وفى كل هذه البلدان فإن 75% من المتعلمين كانوا نقطة الانطلاق ليس فى نحو تسريع النمو الاقتصادى والتنمية البشرية، ولكن للانتقال السياسى.
وليس لدى شك فى صحة ما ذهبت إليه الإيكونومست، وهى ترصد حال التعليم فى مصر، وتعدد خطاياه، لكنى مشكلتى الوحيدة مع هذا التقرير هى فى التسبيب، أى إرجاع هذه الظواهر إلى سبب واحد، وهو النظام التعليمى الذى أقامته ثورة يوليو 1952، وأعتقد أن هذا الربط قد جانبه الصواب كثيرا، وتدخلت فيه عوامل سياسية أكثر منها موضوعية، ومنها أن بعض البريطانيين لا ينسون لثورة يوليو أنها دقت مسمارا كبيرا فى نعش الإمبراطورية البريطانية القديمة، وساعدت دول العالم الثالث فى التحرر من الاستعمار القديم الذى كان غالبه بريطانيا وفرنسيا.
نعم نظام التعليم فى مصر متخلف، بل هو الأكثر تخلفا فى العالم، لكننى واحد من الناس الذين التحقوا بهذا التعليم عام 1970، أى بعد 18 عاما من قيام ثورة يوليو ولم يكن تعليما متخلفا، وإنما يضاهى أحدث نظم التعليم فى العالم.
وما زالت أذكر أيام دراستى الأولى فى مدرسة الوعى القومى الابتدائية بالمحلة الكبرى، حيث كنا نتلقى تعليما راقيا، وكان فى المدرسة مسرح وملاعب ومزرعة ومعامل، وحين ألحقت أصغر أبنائى بالمدرسة البريطانية بالمعادى قبل عامين اكتشفت أنه يتلقى تعليمه بالطريقة نفسها التى درست بها فى المرحلة الابتدائية.
لثورة يوليو أخطاء، وربما كوارث، لكن ليس من بينها النظام التعليمى، فقد أتاحت ثورة يوليو التعليم للجميع، وكان التعليم فى عهد الثورة مميزا، لكنه بدأ فى الانهيار بعد تولى الرئيس الراحل أنور السادات الحكم وحتى الآن.. وأعتقد أن السادات انقلب على ثورة يوليو ليس فقط فيما أسماه ثورة التصحيح فى مايو 1971، ولكن فى السياسة والاقتصاد، وفى الدور الاجتماعى للدولة، لذلك لا يمكن تحميل ثورة يوليو أخطاء تراكمت منذ 40 عاما حتى الآن.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة