القدر لم يمهل والد الطفل سمير عموشة بالإسماعيلية حتى يرى ابنه ضابطا كما كان يحلم، خاصة أنه يملك كل المؤهلات التى تؤهله لذلك، لأنه يعتبر أذكى طفل فى القرية، والكل كان يتوقع بأنه سيصبح يوما ما شيئا كبيرا، كل المؤشرات كانت تؤكد أن هذا الطفل ابن موت كما يقولون فى الأمثال الشعبية بداية من ملامح وجه البرىء وملامحه التى تشير إلى ذكائه، وحب زملائه وأهل قريته له وأدبه الجم مع كل من حوله، ولكن للأسف كل هذا أصبح الآن فى خارج التوقعات.
محمود سمير عموشة، طفل لم يتجاوز عمره الـ11 سنة، كان منذ شهر فقط طالبا بالمرحلة الابتدائية، وبالفعل نجح محمود بتفوق وحصل على 240 درجة، وقال لوالده أنا نفسى «أبقى ضابط» وبدأ الوالد فى رحلة البحث عن واسطة لدخول ابنة المدرسة الإعدادية العسكرية، حتى يرى ابنه ضابطا كما كان يحلم، وفى يوم شديد السواد خرج محمود إلى ساحة القرية للعب مع زملائه، وفجأة انزلقت قدماه الصغيرتان ليسقط فى حفرة عمقها 15 مترا وعرضها 7 أمتار وبعد محاولات عديدة لإنقاذه خرج محمود من الحفرة جثة هامدة لتموت معه كل الأحلام.
لم يصدق أحد أن محمود فارق الحياة بهذه السهولة، خاصة أباه وعمه وبقية أفراد الأسرة، لكن أوراق القضية التى تحمل رقم 3637 لسنة 2010 الإسماعيلية تؤكد أن محمود سمير عموشة لقى مصرعه فى حفرة بقرية سرابيوم، إحدى قرى الإسماعيلية التابعة لمركز فايد، وتم رفع الدعوى القضائية ضد 3 مسؤولين على رأسهم رئيس قرية سرابيوم، ومسؤول محطة الصرف الصحى، وعامل الحراسة، وأصدرت النيابة قرارا باستمرار حبسهم حيث وجهت إليهم عدة اتهامات من الإهمال والتسيب فى الوفاة الأمر الذى أدى إلى غرق الطفل محمود رغم شكاوى الأهالى والتحذيرات من خطورة ترك بيارة بهذا العمق مفتوحة ودون غطاء لتكون مصيدة للأطفال. الحادثة فتحت أكثر من جرح، خاصة فى القرى، فهناك إهمال غير مبرر من قبل بعض المسؤولين الذين لا تهمهم أرواح الناس، فكان من السهل تغطية بيارة الصرف الصحى بأى شكل من الأشكال، وكان هذا سينقذ روح الطفل محمود من السقوط المشين داخل بيارة الصرف الصحى.
يقول والد الطفل سمير عموشة لـ«اليوم السابع»: ابنى محمود كان صاحبى رغم أن عمره 11 سنة فقط لكنه كان دائما يردد على (مش إحنا أصحاب) كان يشعر بالمسؤولية رغم طفولته، كان نفسه يبقى ضابط فى القوات المسلحة، ولما نجح فى الابتدائية بمجموع 240 درجة طلب منى أن يلتحق بالمدرسة العسكرية الإعدادية من أجل تحقيق حلمه.
ويصمت سمير قليلا وتنهمر من عينيه الدموع: «كان نفسى أشوفه ضابط لكن قدر الله».
ويتابع والد الطفل محمود: خرج مثل كل يوم وفجأة سمعت أصواتا، وناس بتنادى علىّ «الحق ابنك» جريت أنا وعمه وكل أفراد الأسرة وتجمعت الناس من حاولنا لإنقاذه.
وأضاف أن قوات الدفاع المدنى والمطافئ حضرت لكنها متأخرة كثيرا، وكانت الناس تحاول إلقاء الحبال فى الحفرة لإنقاذ محمود حتى تم إخراجه لكنه خرج جثة هامدة.
ويضيف: تجمع أكثر من 2500 مواطن من القرية والقرى المجاورة وكادت أن تحدث مظاهرة شديدة الغضب حتى إن البعض حاول تكسير الوحدة المحلية ولكننا رفضنا أى خسائر، وقررنا أن نأخذ حقنا بالقانون، فرفعنا دعوى قضائية على رئيس القرية بصفته، ومدير المحطة بصفته، ولن أتنازل عن حق ابنى لأننى لو تنازلت فسأتنازل عن حقوق كثيرة ليس من حقى التنازل عنها، حقوق مئات من أطفال القرية والقرى المجاورة والتى يحصدها إهمال المسؤولين فى القرى.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة