سعيد شعيب

إخصاء التعليم

الجمعة، 16 يوليو 2010 03:19 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أصيب أحد عمداء الكليات بالخوف، ليس لأنه ارتكب خطأ علمياً أو إدارياً أو خالف القانون، ولا لأنه لا يقوم بعمله بكفاءة، فهو نشط وكفء، ولكن لأن بعض الطلبة قرروا التعبير عن رأيهم بتظاهرة سلمية أمام باب الكلية فى قضية سياسية عامة، ولأنه من الصعب منعهم، بذل الرجل قصارى جهده لمنع النشر فى مختلف وسائل الإعلام مستخدما شبكة علاقاته الواسعة، ولكن كل ما استطاعه فى بعضها هو عدم ذكر اسم الكلية والاكتفاء باسم الجامعة.

- لماذا فعل العميد ذلك؟
- لأنه يريد أن تمد له إدارة الجامعة عندما يصل إلى سن الستين.
- وما هى المشكلة فى أن تمد له طالما أن هذا لا يخالف القانون وطالما أنه يقوم بعمله بكفاءة؟
- لأن القرار النهائى فى مثل هذه الأمور يتم بناء على تقارير أمنية، والتى ستكون سيئة فى حق الدكتور، لأن بعض الطلبة عبروا عن رأيهم السلبى ضد الحكومة فى مظاهرة سلمية، وهذا يعنى أن الرجل "مش مسيطر"، فكيف يوافقون على بقائه فى موقعه؟!

هذه واقعة حقيقية، وإذا سألت من يعملون بجامعاتنا المختلفة ستجد عشرات القصص، فهل هذه جامعة؟
بالطبع لا، ولكنها تحولت بسبب سيطرة الحكومة والأجهزة الأمنية عليها إلى مكان لا علاقة له بالعلم، ولا علاقة له بالسياسة ولا بأى شىء، لأنه افتقد الشروط الأساسية لازدهار أى مؤسسة علمية، وهى الاستقلال والحرية، وهذا هو السبب الرئيسى لما وصل إليه حال التعليم فى بلدنا.

ولذلك فمن الصعب أن أصدق ما قاله وزير التعليم العالى الدكتور هانى هلال بأنه يرحب بالدكتور محمد البرادعى كأستاذ جامعى، ولكن لن يسمح له ولغيره بممارسة السياسة.

فهذه أكاذيب، ففى الحقيقة المطلوب هو عدم السماح للمعارضين فقط بدخول الجامعات، لكن أهلاً وسهلاً بالحزب الوطنى وبجمعية المستقبل التى يرأسها جمال مبارك.

الأكذوبة الثانية هى أن الحرية يمكن تجزئتها، فنمنع النشاط السياسى ونبقى على النشاط العلمى، فالحقيقة أن كلاهما يؤدى إلى الآخر، ولكن الحقيقة أيضا أن هناك من ساعد السلطة الحاكمة على تسييد مناخ القمع، فتوقف تدريس مسرحية "هاملت" لأن بطلها ينتحر، وأدت إلى عقاب الدكتور نصر حامد أبو زيد رحمه الله لأنه اجتهد علميا، رغم أن المخطأ له أجر والمصيب له أجران، وأدت إلى آلاف الجرائم ضد البحث العلمى، والذى لا يجب أن يخضع لأى قيود سياسية أو دينية.

فالحقيقة التى يجب ألا نضحك على أنفسنا وننساها، هى أنه لا نهضة تعليمية بدون استقلال كامل للجامعات عن الحكومة والأمن، ولا نهضة تعليمية بدون حرية بحث علمى.. فالأمم تتقدم بالحريات وليس بالاستبداد، استبداد الحكومات وغيرها.

عبدالرحمن






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة