فى دائرة السياسة يسكن خوف من نوع مختلف، البعض يخاف من الأوضاع القائمة، والبعض الآخر يزرع الخوف حتى تظل الأوضاع القائمة كما هى. فى دائرة السياسة بشر يخافون على المستقبل ومن أجل المستقبل، وبشر يصنعون الخوف لكى يضمنوا أن يولد مستقبل من رحم الحاضر، فيولد مطابقا له فى المواصفات دون أى تغيير أو تحوير.. فى دائرة السياسة ناس تعلن بشجاعة أنها لا تخاف من أى شىء، بينما هى تخاف من كل شىء.
فى دائرة السياسة ناس تخاف من كل شىء إلا الله، وآخرون انقرضوا كانوا لا يخشون من أى شىء إلا الله، لا يخشون فى حقه لومة لائم، ولا يكتمون عن السلطان الجائر الكلمة والنصيحة ابتغاء مرضاة الله فقط لا غير.. لماذا اختفى هؤلاء وانتشر صناع الخوف؟ وممَ يخاف أهل السياسة فى مصر؟ ومن فى وجهة نظرهم أكثر الفئات خوفاً فى البلد؟ هذا ما حاولنا أن نفتش عنه فى السطور القادمة، وإن كنا نعلم مسبقا أن أهل السياسة والمناصب والسلطة لا خوف لديهم إلا من زوال الكراسى، فرجل مثل الدكتور نظيف من المؤكد أنه يفكر فى الكرسى ويخاف من زواله أكثر من تفكيره فى مشاكل البلد ومستقبله.
الدكتور أيمن نور، مؤسس حزب الغد، أكد أن الفقراء هم أكثر من يخاف عليهم فى مصر فى ظل زمن وحكومة تحمى الأغنياء وتقتل الفقراء. وأضاف نور أن غدر البشر هو أكثر من يخاف منه لأنه يمثل المساحة المخيفة فى العلاقة البينية بين الناس وبعضهم البعض، «أعتقد أننى أكثر من تعرض لها فى هذا العام والأعوام السابقة على المستويين الشخصى والعام».
وأوضح نور أن أكثر شخص يخاف فى مصر هو أكثر من يملك ما يمكن أن يخاف عليه فى مصر، مثل أحمد عز الذى يعلم أن بقاءه مسيطراً على الحكم والثروة مرهون ببقاء وضع غير قابل للاستمرار، وبالتالى «فى تقديرى أن أحمد عز هو أكثر من ينبغى أو يخشى من الأيام والساعات القادمة فى مصر». أما جورج إسحق، عضو الحركة الوطنية للتغيير، فقال: «أكثر ما يخيفنى ويرعبنى الثورة الفجائية غير المنظمة «العشوائية»، لأنها إذا حدثت بهذا الشكل كلنا سندفع الثمن وسنخسر». وأكد إسحق أنه لا يشعر بالأمان فى كل شىء لا فى الأكل ولا المرور ولا الترفية. وأوضح إسحق أن المواطن العادى فى مصر الذى لا ظهر له هو أكثر الناس خوفا، لأنه أصبح معرضا فى أى وقت لأن يتعرض للبهدلة والضرب من أى أمين شرطة.
الدكتور عبدالحليم قنديل، المنسق العام لحركة كفاية، قال إن أكثر ما يخشاه فى مصر هو مصير البلد الذى أصبح يسير فى طريق مجهول وغامض، بالإضافة إلى استمرار المعارضة فى تكرار أخطائها.
وأضاف قنديل أنه على المستوى الشخصى لم يعد يخشى من شىء ولو كان الموت والتجويع، مبرراً ذلك بأنه بعد تجربة الخطف والرمى فى الصحراء التى تعرض لها فى 2 نوفمبر 2002 ومنعه من ممارسة الكتابة فى كل الصحف لم يبق شىء يخاف منه.
أما عن الشىء الذى يخيف شردى على المستوى الخاص فيقول: «أخاف دائما ألا أكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقى». ويرى أن كل المسؤولين فى مصر «خوافين» حتى إذا أبدوا العكس، بسبب حرصهم على مناصبهم ويقول: «كنت أتمنى أن يخاف المسؤول فى مصر من الشعب، فهكذا يجب أن تكون العلاقة بين المواطن والمسؤول، لكن للأسف هم يخافون على كراسيهم لأنهم يعلمون أن الشعب لن يتمكن من أن يقول كلمته».
وتخشى سكينة فؤاد، الكاتبة الصحفية ونائب رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، من كارثة «مخيفة» لا يمكن السيطرة عليها نظراً لأن كل شىء فى مصر أصبح لا يخضع للقانون، وإنما للمواءمات والمصالح الخاصة، وهو الأمر الذى أسفر عنه تضخم بعض المؤسسات فى الدولة على حساب أمن المواطن.
وتضيف سكينة: «المواطن المصرى أصبح مهددا فى لقمة العيش وأعضاء الحزب الحاكم سرقوا منه حق العلاج وحتى نقطة الماء لم تعد آمنة وربما لن تتوافر فيما بعد» لافتة إلى أن هذا الواقع يشير إلى أن هناك قنبلة ربما تنفجر قريباً.
النائبة الدكتورة جورجيت ضحكت وهى تجيب عن أكثر ما يخيفها، وتقول: «أنا بخاف من كترة المنافقين، وأى شخصية لديها قدرة على تزييف الحقائق، ده شىء بيخوفنى، وفيما عدا ذلك أنا مابخفش غير من ربنا». أما أكثر الشخصيات التى تتسم بالخوف فى رأى قللينى فهى: «الشخصية السلبية، والحريصة على مصلحتها وبس، وهؤلاء كثيرون الآن للأسف».
«أكتر حاجة بتخوفنى هو الخوف السياسى من بكرة»، بهذه الكلمات بدأت الدكتورة آمنة نصير، الأستاذ بجامعة الأزهر، حديثها حول ما تخاف منه. وعن أكثر الشخصيات التى تخاف فى مصر قالت: «هم الذين يخافون على أنفسهم بعد ترك مناصبهم، وفقد المميزات التى يتمتعون بها، وأغلب هؤلاء من السياسيين الذين يخافون على كل مكسب حققوه لأنفسهم».
الإذاعية الشهيرة أبلة فضيلة قالت: «أنا بخاف من قلة النضافة لأنها بتجيب أمراض، وبخاف من الكهربا أوى وكمان بخاف جداً من الناس الوحشة، لأنى للأسف ماعنديش فراسة اكتشفت بيها الناس». وعن أكثر شخصية «خوّافة» ترى أبلة فضيلة أنها شخصية كل الفاسدين، فهؤلاء كما ترى أبلة فضيلة «بطحتهم» كبيرة، وخوفهم واضح. «المستقبل فى مصر أكتر حاجة ممكن تخوفنى»، بهذه الجملة القصيرة أجاب الدكتور محمد المهدى، رئيس قسم الطب النفسى بجامعة الأزهر فرع دمياط واستشارى الطب النفسى الشهير عما يخيفه، وأضاف: «بخاف من المجهول، ومستقبل بلدنا مجهول، بل مجهول جداً.
أهل السياسة ونجوم المجتمع.. خايفين من المستقبل وسطوة الأمن ومرعوبين
الجمعة، 16 يوليو 2010 01:06 ص
نور
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة