انتقد د. حسن وجيه، أستاذ السياسة بجامعة الأزهر، من حيث المبدأ المقال الذى كتبه مفتى الديار المصرية "على جمعة" بصحيفة واشنطن بوست الأمريكية الذى انتقد فيها بدوره الرئيس الأمريكى باراك أوباما.
وأضاف وجيه لـ"اليوم السابع" أنّ المسلمين كان يتوجب عليهم اتخاذ الخطوة الأولى من أجل مساعدة أوباما فى تحقيق ما وعد به، مركزاً على أنّه يكنّ لمفتى الديار كل احترام وتقدير، مشيراً إلى أنّنا فى العالم العربى لا نقبل بـ"الانتقاد المزدوج"، حيث انتقدنا عدم وفاء أوباما بوعوده ولم نتطرق بالخمول الذى يشهده العالم العربى، منتظرين أن يقوم أوباما بفتح البوابة الأمريكية تجاه العالم الإسلامى، ولافتاً إلى أنّ أوباما لا يمتلك "العصا السحرية" التى تمكنه من الإصلاح بمفرده.
كما أكد وجيه أنّه لا ينتقد على جمعة أو أى شخص بعينه، ولكنه ينتقد المبدأ نفسه الذى يتخذه العالم العربى أجمع، ألا وهو تعليق المبررات على "شماعة الآخرين"، فقبل أنّ نوجه الانتقادات للآخرين يتوجب علينا أنّ نبدأ بأنفسنا، موضحاً أنّ العالم العربى يستقر فى القاع، طارحاً سؤالاً جوهرياً: "أين الأجندة المصرية العربية الإسلامية؟".
وعلى النقيض اتفق "نبيل فهمى" السفير المصرى السابق بالولايات المتحدة الأمريكية فى رأيه مع مقال المفتى، موضحاً لـ"اليوم السابع" أنّه لم يظهر حتى الآن أى رد فعل أمريكى، ضارباً بالمستوطنات اليهودية مثالاً، قائلاً: "عدم وقف الاستيطان الإسرائيلى والاستمرار فى هدم بيوت الفلسطينيين يؤدى لـ"تآكل المصداقية الأمريكية"، فيجب على الولايات المتحدة أنّ تتخذ ردود أفعال صارمة لتصبح دليلاً ملموساً على المؤتمر الذى تم انعقاده فى القاهرة".
وكان مفتى الديار المصرية على جمعة انتقد على صفحات جريدة واشنطن بوست الأمريكية عدم قدرة الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، الوفاء بتعهداته المتعلقة "ببداية جديدة مع الولايات المتحدة والمسلمين حول العالم، مرتكزة على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل"، بعد عام من إلقاء خطابا إلى العالم الإسلامى من جامعة القاهرة، وقال: "إن الأمل الذى قوبل به الرئيس الأمريكى الأسود سرعان ما تحول إلى إحباط يصاحبه إدراك بأن تحويل التعهدات إلى حقيقة أمر ليس يسير تحقيقه".
وأضاف "رغم أن جهود أوباما لتغيير مسار السياسة الأمريكية تجاه العالم الإسلامى تستحق الثناء، إلا أن الجميع ينتظر منه على ما يبدو أكثر من مجرد تصريحات منه". ورأى مفتى الديار المصرية أنه أمر ذات أهمية قصوى أن يتم ضخ الحياة مجددا فى الروح التى صاحبت خطاب الرئيس أوباما، وأن تتم مناقشة السبل التى من شأنها تفعيل أهداف خطاب وتحويله إلى برامج عملية تجسر مفهوم الحوار والشراكة المؤثرة بين الشرق والغرب.
وقال: "أعتقد أن هناك سبلا عدة يمكنها أن تساعد فى تشكيل شراكة بناءة بين العالم الإسلامى والولايات المتحدة، فالإسلام الذى تعلمناه فى صبانا يدعو إلى السلام والرحمة.. وعندما قال الله فى كتابه الكريم "إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا" لم يقل "وجعلناكم شعوبا وقبائل لتقتلوا بعضكم البعض"، فجميع الأديان منعت قتل الأبرياء، وإنما أمرت بالتعاون من أجل الخير"، هكذا كتب جمعة.
ورأى المفتى أن الحاجة إلى إقامة حوار بين الشعوب التى تدين بالأديان المختلفة وتنتمى إلى ثقافات مختلفة بلغت ذروتها هذه الأيام خاصة مع طبيعة المشكلات التى تواجهها الشعوب والمجتمعات، وينبع الحوار من الاعتراف بالهويات والتخصصات، وتجنب فى الوقت ذاته العداء تجاه الآخر الذى ينتهى بإقامة حدود دموية بين الأديان والثقافة، والحوار يرتكز على احترام التعددية الدينية والتنوع الثقافى، فالحوار لا يكمن فى السعى لإلحاق هزيمة بالطرف الآخر، وإنما يكمن فى محاولة التعرف على هذه الثقافات الأخرى، ويشدد القرآن على أن جمال العالم يكمن فى التعدد الدينى والعرقى.
وأكد جمعة على ضرورة بذل الجهود على عدة مستويات مثل الترويج لقيم التسامح وتقبل اختلاف الثقافات من خلال التعليم، والربط بين المجتمع المدنى والإعلام والجهود الحكومية وبين العلماء والمفكرين والشباب فى أى مجتمع.
وأضاف أنه ينبغى أن تتم إزالة كل المفاهيم المغلوطة التى عادة ما تكون آراء الناس وتصرفاتهم تجاه الآخر، على سبيل المثال وضع المرأة فى المجتمعات الإسلامية، ودور الشريعة، وحقوق الأقليات، حيث يجب أن تتم مناقشة كل القضايا غير الواضحة أو التى تحتمل سوء تفاهم، على ضوء خلفياتها التاريخية والثقافية.
وأوضح الدكتور على جمعة أن الغرب يحصر وضع المرأة المسلمة فى خانة "قضية المرأة" وهو تصنيف غير معهود فى البيئة المسلمة التى تعتبر المرأة والرجل متكاملين جوهريا، سواء كانوا أفراد، أو كأسرة، أو كمجتمع كامل.
وذكر جمعة أن الرئيس أوباما أشار أثناء خطابه فى القاهرة إلى أن المجتمعات الإسلامية أثرت كل المجالات العلمية على مدار التاريخ، وهو ما يؤكد على ضرورة أن يكون هناك قنوات دائمة للتبادل الثقافى والعلمى والتكنولوجى والاقتصادى بين العالم الإسلامى وبين الولايات المتحدة الأمريكية.
وأكد مفتى الديار المصرية على أنه لا يمكن تحقيق هذا التعاون إلا فى وجود بيئة تحترم الشرعية الدولية والخصوصية الدينية والتقاليد الثقافية لدى كل الشعوب، فالتغيير ببساطة لا يمكن أن يفرض على أحد.
مفتى الجمهورية ينتقد أوباما فى صحيفة أمريكية.. وخبراء يردون: العالم العربى كله فى القاع ولا يجب أنّ نعلق مبرراتنا على شماعة الآخرين.. والرئيس الأمريكى لا يمكنه استخدام العصا السحرية
الأربعاء، 14 يوليو 2010 10:29 م
على جمعة مفتى الديار المصرية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة