للمرة الثانية خلال أقل من شهر يدلى مسئول إسرائيلى بتصريحات علنية يدعو فيها إلى إعادة قطاع غزة إلى الإشراف المصرى كما كان الحال قبل حرب يوينو 1967، التصريح الأخير جاء على لسان أيوب قرا، وهونائب وزير إسرائيلى وينتمى لطائفة الدروز.
ويبرر قرا هذه الدعوة، بأن السلطة الفلسطينية غير قادرة على السيطرة على غزة، وبالتالى فإن الحل هو إعادتها إلى مصر، بالتوازى مع إعادة الضفة الغربية للسيادة الأردنية، وبذلك تصدر إسرائيل مشاكلها إلى مصر والأردن.
وليس خافيا أن هذا التفكير بالذات هو نتاج عدة ورش عمل جرت على مدار عامين فى مركز دراسات الشرق الأدنى فى واشنطن، الذى يخضع لسيطرة المحافظين الجدد فى أمريكا ويعتبر من أهم المراكز البحثية الأمريكية الموالية لإسرائيل.
ويقترح المركز فى دراساته العديدة، ضم الضفة الغربية إلى الأردن، وغزة إلى مصر، وإجراء عملية تبادل أراضى تحصل مصر بمقتضاها على ستمائة كيلة متر مربع فى صحراء النقب، مقابل منح الفلسطينيين امتدادا عمرانيا فى شمال سيناء بمحاذاة البحر، وبذلك تصبح سيناء هى الوطن البديل للفلسطينيين، أو الدولة الفلسطينية التى يتعهد الغرب بإقامتها، وبذلك يتم الخلاص من القضية الفلسطينية نهائيا.
هناك أيضا مقترحات أخرى بطرد فلسطينيى 48 من إسرائيل وإجراء أكبر عملية تهجير فى التاريخ، وتوزيعهم على غزة وسيناء، والضفتين الغربية والشرقية من نهر الأردن، بحيث تظل إسرائيل دولة يهودية خالصة، فى ظل أن الزيادة السكانية الفلسطينية الحالية داخل فلسطين التاريخية ستؤدى إلى دولة ثنائية القومية وهو ما يهدد حلم الدولة اليهودية الخالصة بالفناء.
كل هذه الدراسات والتصريحات تشير إلى أننا أمام مخطط إسرائيلى يستهدف تفريغ القضية الفلسطينية من مضمونها، وذلك بزيادة الضغوط على غزة، وجعل شعبها ينفجر فى اتجاه مصر، وليس ضد الاحتلال والحصار والإسرائيلى.
ومن ثم يصبح السؤال مشروعا.. هل سيطرة حماس على غزة تساعد فى تحقيق المخططات الإسرائيلية أم تتصدى لها؟
فى تقديرى المتواضع أن رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق إرييل شارون حينما قرر انسحابا أحاديا من غزة دون اتفاق، أراد جعلها معلقة، فهى حسب القانون الدولى أرض تحت الاحتلال، لكن الاحتلال الإسرائيلى لا يمارس إلا الضغوط والحصار الذى يدفع أهل غزة تحت هذه الضغوط إلى البحث عن الخلاص، وقد يكون هذا الخلاص مؤقتا فى نظرهم بالتوجه ناحية مصر، لكنه لو حدث سيؤدى إلى نشوء أوضاع جديدة، تؤدى فى النهاية إلى القضاء على حلم إقامة الدولة الفلسطينية، وتصدير المشكلة إلى مصر والأردن.. وهوما يجب أن ننتبه له جيدا بعيدا عن لغة العواطف.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة