لذيذة ومسلية حكايات "توم وجيرى" الكرتونية الشهيرة، وهى ألذ إذا رصدناها فى واقع الحياة المليئة بأمثال توم وجيرى أو القط والفأر.. أو العسكر والحرامية.. أو الحكومة والأهالى على رأى إخواننا فى حزب التجمع وجريدة الأهالى زمان قبل أن يصبح دقيق الحكومة فى زيت التجمع.
كلنا قرأنا تصريحاً منسوباً لمتحدث رسمى بوزارة الداخلية عن مقتل خالد سعيد الذى أطلق عليه رئيس تحرير الجمهورية ساعتها "شهيد البانجو"، ولو راجعنا التصريح لوجدناه يكاد يقسم بالطلاق أننا شعب لا يعرف ولا يفهم ومنساق وراء دعاوى باطلة، وأن قلة حاقدة تريد أن تصطاد فى الماء العكر، وقد ساند هذا الرأى وشايعه أناس فى الصحف القومية حتى كاد المرء أن يصدق أن خالد سعيد مات صحيحاً بلفافة البانجو، وأنه لم يضرب ولم يُهَنْ بل عُومل معاملة رقيقة دفعته دفعاً لبلع البانجو اعترافاً بخطئه فى حق الحكومة والمجتمع والناس!
زاد الضغط الشعبى وزادت أكثر الضغوط الخارجية وبات واضحا أن "لعبة النفى" لن تنفع، خصوصاً وقد دخل على الخط رؤوس كبيرة فى البيت الأبيض وأوروبا، وهذا يعنى أن السلطة ستدفع ثمنا أكبر من "تسليم المخبرين" لو استمرت فى عنادها.. لذا استجابت وفور استجابتها خرج السيد جمال مبارك ليعلن أن تحويل المخبرين للنيابة للتحقيق معهما فى ضرب وتعذيب خالد سعيد هو "دليل على احترام حقوق الإنسان"، ووددت لو أن السيد جمال مبارك قد خرج بتصريحه هذا إبان وقوع الأزمة وثورة المواطنين ليعلن موقفه المؤيد لحقوق الإنسان والمطالب بمحاكمة المجرمين بدلا من السكوت إلى ما بعد انتهاء الحفلة ليؤكد لنا أن الحزب مع العدالة ومع احترام حقوق الإنسان.
هذا نموذج للعبة القط والفأر، يختفى الحزب حتى إذا ما زادت الضغوط وصدرت التعليمات باتخاذ قرار ما، ثم يعلن فجأة أنه مع العدالة ولو كنت مع العدالة، فلماذا لما تتحرك أيها الحزب الكبير مبكراً؟
ولماذا لم يعلق الحزب ولا السيد جمال مبارك على موضوع المواطن الذى عذب فى الدقهلية مؤخرا، وألقى بنفسه من شرفة قسم الشرطة؟ هل سننتظر قيام "منظمة العفو الدولية أو السفارات الأوروبية" بالتنديد بالواقعة ثم تحويل المشتبه به بتهمة التعذيب للنيابة ثم نسمع تصريحات من هذا النوع من قيادات الحزب!
أخشى أن تقوم السلطات بعمل اللازم من أجل تبرئة المتهمين بقتل الشاب خالد سعيد لتثبت لنا أنها قوية وعفية وجبارة ولا تخضع للضغوط.. وساعتها سيخرج من يقول لنا: ها ألم أقل لكم أن المخبرين بريئون من دم خالد براءة الذئب من دم ابن يعقوب.
آخر السطر:
الإيمان الحقيقى بكرامة المواطن هو أن نتعامل معه كبنى آدم وشريك فى هذا الوطن.