إن الدستور الحالى لم يحظر على الوزير ترشيح نفسه لمجلس الشعب.. حيث تجيز المادة 134 منه "لرئيس الوزراء ونوابه والوزراء أن يكونوا أعضاء فى مجلس الشعب".
ولما كان الدور الذى يؤديه الوزير النائب.. يعبر عن مسئوليته التشريعية والتنفيذية فى آن واحد.. فهو دور مزدوج لايجوز أداؤه من شخص واحد.. لما فى ذلك من إخلال بمبدأ الفصل بين السلطات الثلاث (تنفيذية، تشريعية، قضاء).. وهو مبدأ دستورى وقانونى تقتضيه العدالة.
ولنا أن نتساءل.. هل جاء نص المادة 134 من الدستور.. انطلاقاً من نص المادة 62 من الدستور التى تقضى بأنه: "للمواطن حق الانتخاب والترشيح وإبداء الرأى فى الاستفتاء وفقاً لأحكام القانون، ومساهمته فى الحياة العامة واجب وطنى".
وهل مواطنة الوزير تبيح له الحق فى الجمع بين سلطتين.. يتوجب عليه عدم الجمع بينهما؟!.
• إن المادة 38 من قانون مجلس الشعب تقضى: "بعدم الجمع بين عضوية مجلس الشعب والمناصب التى يتولاها النائب قبل انتخابه".
• كما أن المادة 200 من الدستور تنص على: "عدم جواز الجمع بين عضوية مجلسى الشعب والشورى".
• وكذلك المادة 23 من قانون مجلس الشعب تحظر على المحافظين الترشيح لمجلس الشعب.
• ولو طالعنا قانون مباشرة الحقوق السياسية نجد أنه قد حظر الترشيح الانتخاب على كل من: ضباط وأفراد القوات المسلحة، الشرطة، الهيئة القضائية.. أثناء خدمتهم.
أو ليس كل هؤلاء المحظورين من الترشيح لمجلس الشعب مواطنين؟!.. الإجابة.. نعم.. دون أدنى شك.. ولكن وجدت العلة المانعة لترشيحهم، وآية ذلك ما يلى:
• فمجلس الشورى ـ ويطلق عليه مجلس مكلمة ـ هو أقرب لرئيس الدولة منه إلى مجلس الشعب، وعليه واجب إبداء الرأى والمشورة له، وعضو مجلس الشورى يعد منصبا متعارضا مع نص المادة 38 من قانون مجلس الشعب، وقبل ذلك يتعارض مع صريح نص المادة 200 من الدستور فى منع الجمع بين العضويتين، ولو لم يكن هناك نص بعدم جواز الجمع بين عضوية مجلسى الشعب والشورى، لكان الجمع بينهما أقرب إلى الالتقاء فى طريق واحد، أو بالقليل فى طريقين متوازيين لا يتقاطعان.
• كذلك المحافظ، فالعلة من منعه إضافة إلى صريح نص المادة 38 المذكور، أنه يمثل رئيس الجمهورية فى محافظته، ويعد حاكماً لها.. مستمداً سلطان نفوذه من رئيس الجمهورية ذاته، ويتضح ذلك بالنص على اعتباره مستقيلاً بمجرد انتهاء سلطة رئيس الجمهورية.. لأى سبب.
• أما ضباط وأفراد القوات المسلحة، والشرطة.. فالعلة من منعهم تنبع من قدسية الدور الذى يقومون به فى حماية الوطن وأمنه من الخارج والداخل ضد أعدائه والخارجين على القانون.. وهو دور يستلزم تفرغهم التام لأدائه، وعدم شغلهم عنه بأى عمل آخر، حتى ولو كان العمل بالسياسة.
• أما أعضاء الهيئة القضائية.. فقد جاء منعهم من الترشيح لمجلس الشعب.. تفعيلاً لمبدأ الفصل بين سلطات الدولة الثلاث.
• يضاف إلى ذلك، أن نجاح الوزير وفوزه بعضوية مجلس الشعب قد يأتى محمولا على ظهر موقعه كوزير فى السلطة التنفيذية.. حيث يتيح له مثل هذا الموقع رفيع المستوى إمكانات نجاح لا تتوافر لغيره من المرشحين، فما الذى يدرينا ـ بيقين ـ أن الوزير يخوض معركة الترشيح لمجلس الشعب بعيداً عن سلطته على الناخبين ـ وعداً أو وعيداً ـ بما يلقى بظلال من شبهة إهدار كافة عناصر المساواة بين المرشحين.. وهو أمر مرفوض دستوراً وقانوناً، لأنه لا يحقق مقاصد العدالة المنشودة بين أبناء الوطن.
• ويحدث عملياً أن بعض نواب مجلس الشعب يتقدمون إلى الوزير النائب بطلبات لأبناء دائرتهم ـ خلال انعقاد المجلس ـ لأخذ موافقته عليها.
• أفلا يكون لذلك الوزير النائب تأثير ـ لصالح الحكومة ـ على هؤلاء النواب عند تعبيرهم عن آراءهم بالمجلس فيما يتعلق بأداء الحكومة والرقابة عليه.. هذا من ناحية..
• أيضا.. ألايكون ذلك الوزير ـ عضو مجلس الشعب ـ أكثر تميزا وتأثيرا فى أبناء دائرته لفائق مقدرته على تلبية طلباتهم لدى الحكومة، والذى هو أحد أعضائها.
• وكيف يكون الوزير مسئولاً أمام مجلس الشعب، وهو أحد أعضائه . هل يعنى هذا أنه مسئول أمام نفسه؟.
• وهل يحدث عملاً أن يجروء ذلك الوزير على التقدم بصفته نائباً بطلب استجواب أو مساءلة أو سحب للثقة من نفسه كوزير؟! أو من وزير آخر.. زميل له فى مجلس الوزراء؟!..
• وهل لمجلس الشعب أن ينجح ـ والحال كذلك ـ فى إقالة الحكومة؟!.
• وهل هناك قانون تتم من خلاله محاسبة الوزير ـ النائب ـ عن أفعاله.. بمجرد رفع الحصانة البرلمانية عنه؟!
• وما قيمة صوت النائب الوزير فى مجلس الشعب عند أخذ الأصوات على سحب الثقة منه كوزير؟
• وما هو التكييف القانون لوضع الوزير النائب عند حل السلطة التنفيذية للبرلمان؟!
إن منصبى الوزير، وعضو مجلس الشعب.. طريقان متعارضان مختلفان، أشبه بطرفى مقص، إذا تلاقيا فذلك لكى يتقاطعا. ذلك أنه من مهام منصب عضو مجلس الشعب الرقابة على أعمال الحكومة، والتأكد من أنها تصب فى النهاية فى صالح الوطن والمواطن.
ولما كان منصب الوزير من أرفع المناصب فى السلطة التنفيذية، وتفعيلا لمبدأ الفصل بين السلطات، وتطبيقاً لروح الدستور والقوانين قبل نصوصها، وإعمالاً للمنطق والعقل السديدين. فإنه يبين بوضوح وجلاء شديدين وجوب حظر ترشح الوزراء أعضاء لمجلس الشعب ودخولهم البرلمان التشريعى بصفتهم الوزارية.
تلك خطوة طال انتظارها نحو نظام برلمانى ودولة مؤسسات.. حتى تختفى من قاموس نفاقنا السياسى عبارة: بتوجيهات من ... الخ.. ويصبح هناك دور واضح ومعلوم لكل مؤسسة من مؤسسات الدولة، ويعرف كل مسئول دوره وما هو مطلوب منه.. ويبقى الوزراء للحكومة، ومجلس الشعب لنواب الشعب، والقضاء يفصل بينهما.. إذ أنه لا يستقيم المعنى بدخول الوزراء لمجلس الشعب.. أعضاء.. بما يستلزم تغييراً فوريا فى الدستور والقوانين المرتبطة.
عوض قشيرى يكتب: امنعوا عضوية البرلمان عن الوزراء
الأحد، 11 يوليو 2010 02:44 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة