كثير من الملفات المصرية تحتاج لحكمة السياسة، وعقل الحكماء، وخبرة العالمين بحقائق الأمور، وفى كل دول العالم نجد أن التعامل الأمنى مع الملفات السياسية يكون فى أضيق الحدود، لكن فى بلدنا وفى ظل النظام الحاكم وجدنا أن التعامل مع معظم الملفات يتم من خلال الأمن، الذى يغلب قوة العصا على صوت العقل، مما يؤدى إلى إفساد الكثير من القضايا، وإشعال معارك طاحنة بين أبناء الوطن الواحد، كان من الممكن أن نتجنبها إذا تعاملنا معها بشكل سياسى.
وخير دليل على الفشل الذريع للتعامل الأمنى مع كثير من هذه الملفات، التطور الخطير الذى يهدد الأمن القومى، بسبب التعامل الأمنى الغليظ مع بدو سيناء، على مدار الأعوام الخمس الماضية، مما دفع بعضهم للتهديد باللجوء للعدو الصهيونى ومنهم من تعلق بالحدود، وأخيرا المواجهات الدامية المستمرة بين البدو والأمن على أرض سيناء.
وعلى الدولة فى هذا الملف أن تسحبه فورا من يد الأمن، وتتعامل معه بشكل سياسى عقلانى، حتى لا نخسر الكثير، خاصة أن كثيرا من البدو يحمل السلاح، وأى مواجهات أمنية معهم ستزيد من المآسى ولن نحصد منها إلا الدماء، كما لابد من تسوية معظم القضايا بشكل ودى إلا من تورط فى قضايا القتل، كما على الدولة الإفراج الفورى عن جميع المعتقلين حتى يعود الهدوء للأجواء من جديد.
وأرى أن التعامل العاقل مع رؤوس القبائل البدوية، وفتح أفق الحوار، سيأتى بثمار جيدة، وينهى المشكلة بشكل فورى، ويتيح الفرصة لترتيب الأوضاع بشكل يحمى الأمن القومى ويتفادى المصادمات.
ومن الملفات التى أرى أيضا وجوب إبعاد الأمن عنها ملف الحريات والتعامل مع القوى السياسية، فالبطش الأمنى والاعتقالات العشوائية، لحركات التغيير أساءت لسمعة مصر فى المحافل الدولية، وأشعلت غضب الرأى العام، وأفقدت الوطن توازنه، فليس بالعصا الأمنية الغليظة يحكم الوطن، ولن تموت الأفكار والاتجاهات بإطلاق الرصاص، ولن تتراجع أفكار التغيير، وعلى النظام أن يفتح صفحة جديدة مع كل القوى السياسية، ويناقش الآراء ويقارع الحجة بالحجة، إذا أراد البقاء فى حكم هذا البلد، فالكبت السياسى والضغط الأمنى، لن يولد إلا الانفجار، ولن يتحمل أحد الاستمرار فى هذه الأجواء التى سيطر عليها البطش الأمنى والفساد السياسى.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة