الحزب الحاكم هو الذى فكر وشرع ووافق على كوتة المرأة فى مجلس الشعب.. لتكون الكوتة الثانية بعد كوتة العمال والفلاحين والتى تمثل نسبة 50% من نسبة أعضاء ذلك المجلس..
حيث يشترط المجلس على هؤلاء الأعضاء إجادة( فك الخط) فقط، فى حين يشترط على موظفى وعمال المجلس الحصول على مؤهلات ومهارات قد لا يملكها كثير من أعضائه الموقرين..! ومازالت كوتة العمال والفلاحين تمثل أحد الأصنام السياسية المنهى عن النيل أو الاقتراب منها فى عالم أضحى يعرف الأمى بأنه الذى لا يجيد التعامل مع الكمبيوتر والإنترنت.
وإذا تجاوزنا كوتة المرأة وكوتة العمال والفلاحين يبقى هناك النوع الأخطر من الكوتة تلك وهى كوتة غير معلن عنها رسميا وإن كانت هى العمود الفقرى للنظام الذى لا يمكن أن يظهر أى قدر من التسامح بشأنه أو التنازل عنه.. إنها كوتة الحكم، وبمعنى أوضح إنها الأغلبية المريحة وليست الأغلبية فقط داخل مجلس الشعب.. وقد ظهر ذلك جليا فى الانتخابات الماضية عندما ظهرت النتائج فى الجولتين الأولى والثانية معلنة عن تقدم ملحوظ لقوى المعارضة بشكل بات يهدد كوتة الحكومة والحكم (المريح).. هنا تدخلت الحكومة بكل أدواتها وكشرت عن أنيابها للجميع وتعاملت بشراسة مع المرشحين والناخبين، واستخدمت كل الوسائل لإعادة الأمور إلى نصابها، والمحافظة على الكوتة الحكومية والتى تمثل الخط الأحمر الذى يحكم على نفسه بالهلاك كل من يحاول الاقتراب منه.. لقد ثبت بالتجربة أن قواعد اللعبة التى وضعتها الحكومة هى السماح بهامش يسمح لبعض المعارضين بأن يدخلوا للمجلس (الموقر) وأن يسمح لهم بالنقد والصراخ والتنفيس دون أن يكون لهم أى دور فى منع أى تشريع أووقف أى قرار، وهذا التنازل من قبل الحكومة للمعارضة فى بعض المقاعد ليس مجانيا بل تستفيد الحكومة منه على المستويين: السياسى والإعلامى فى الداخل والخارج، فيبدو فى الظاهر أن هناك معارضة ورأيا آخر داخل المجلس. لعمرى إن المعارضة لكى يكون لها دور مؤثر أو وزن تحسب له الحكومة حسابا لابد أن تمثل ثلث عدد أعضاء المجلس على الأقل وهو العدد الذى يسمح بكبح جماح الحكومة والتصدى لظاهرة سلق وتمرير القوانين.. فهل يمكن أن يسمح للمعارضة بتجاوز الخطوط الحمراء وتهديد كوتة الحكم بالحصول على الثلث المعطل..؟! تلك هى المسألة وذلك هو بيت القصيد.. أما غير ذلك فهو صرخات فى البرية وحرث فى الماء، وإلى أن يشاء الله سنظل نسمع جعجعة ولا نرى طحنا..!
