ولم لا، فإذا كنا نقول لكل من هب ودب يا باشا وهم ربما يكونوا أراذل الناس وأدناهم، أفلا يحق لى أن أصف هذا الرجل بصفتى الشجاعة والفخامة معاً.
انظر إليه وهو يتحدث فتجده يتحدى.. وانظر إليه وهو يمسك بطرف بدلته وبحركة (شعبية معبرة) قائلا لإسرائيل (ضقنا ذرعا) وتركيا قوية فى عدائها تماما كما هى فى محبتها.
ما الذى يجعل الناس تحب أردوجان وتثق فيه إلى هذه الدرجة برغم الحملة الشعواء التى يشنها البعض فى مصر والكويت ولا أعرف الرابط بينهما سوى (أن الكويت طردت مجموعة من المصريين لأنهم أيدوا البرادعى)..
فى مصر تخرج الصحف القومية لتغمز وتلمز فى أردوجان وكأنها لا تعى ولا تدرك حقيقة ما يدور من حولنا.. لقد اعتادت بعض هذه الصحف وهؤلاء النفر المحسوبين على عالم الصحافة والإعلام على أن يسيروا مطأطئ الرؤوس وأعتقد أنه لا أحد يلومهم إن استهجنوا واستنكروا شخصا رفع رأسه لأنهم سيعتبرونه نشازاً أو منكرا يجب العمل على تغييره.
سيجادل البعض بأن أردوجان لا يتحرك انتصارا للقضية إنما انتصارا لتركيا وإعادة لمجدها القديم وماله!
يا ليت كل زعمائنا يتحركون لمجدنا القديم الذى ضيعوه وباعوه وتنكروا له وباتوا بلا ماضى يستنجدون به ولا حاضر يركنون إليه!
يا ليت بلدى مصر تستطيع فعل ما يفعله أردوجان على مستوى تركيا أو على مستوى دورها المتمدد فى المنطقة بعد أن حاصرنا أنفسنا وبفعل إرادتنا كما زعم الدكتور مصطفى الفقى بأن مصر تراجع دورها الإقليمى بإرادتها..
أردوجان تقدم ببلاده اقتصاديا وسياسيا وقاد حملة ضد الفساد طالت أعلى رؤوس النظام من العسكر والمتحالفين معهم، وفى بلادى وصل الفساد إلى أعماق المجتمع بفضل سياسية (تأميم الفساد) وتوزيعه على الجميع كل فى موقعه..
أردوجان قاد بلاده نحو دور أكثر تحررا من القيود الأمريكية ونحن لا نزال نعانى ونصرخ إن أعلنت أمريكا عن نيتها خفض المساعدات..
أردوجان يلعب فى الملعب الخلفى الذى كان يوما ما ساحة خالصة للسياسة المصرية.. وباتت تركيا أقرب لغزة وهى التى تبعد مئات الكيلومترات عنها بينما غزة القريبة أصبحت بعيدة بفضل سياستنا الخارجية( المتميزة) جدا ضد أخوتنا فى غزة..
أردوجان يضغط على ( إسرائيل ) لفك الحصار ونحن نشترط إرغام حماس على الاعتراف بإسرائيل بإصرارنا على بنود المصالحة التى تمنع وتدين المقاومة..
أردوجان يرى حماس منظمة مدافعة عن حقوق شعبها ويراها حزبا سياسيا فاز فى الانتخابات، ونحن نتعامل مع حماس وقادتها تماما كما نتعامل مع قيادات الجهاد والجماعة الإسلامية والإخوان المسلمين.. تعاملا أمنيا لا يقترب من السياسة قيد شعره..
يا ليت لدينا وزير خارجية بحجم فكر وثقافة وديناميكية وزير خارجية تركيا الذى يتحرك بإرادة وطن محمل بآمال أمة وليس كوزير خارجيتنا الذى يتحرك بتعليمات– كما يزعم– وليس لديه أى قدرة على الفعل وأخذ زمام المبادرة حتى فى موضوع حيوى وهام مثل مياه نهر النيل.
هل يعيب أردوجان أن يبحث لبلاده عن دور فى منطقة يتنافس عليها الكبار دائما ومنذ فجر التاريخ؟ ولماذا لا ننافس نحن؟ ولماذا لا نتطور نحن؟ ولماذا نركن للسكون ونلوم الآخرين إذا تحركوا؟
أردوجان يعرف كيف يختار حتى خصومه على المسرح الدولى والإقليمى وأنصح العاملين فى الخارجية بقراءة مقال بعنوان (الأعدقاء) نشرته الفورين بوليسىForeign policy حول العلاقة بين تركيا وأمريكا فى المنطقة.
أردوجان باشا حقيقى وليس باشا فياجرا وعبارات ومخدرات وقنوات فضائية وتطبيع وقتل مطربات وبيع أراضى لليهود فى سيناء، أردوجان ليس باشا احتكارات وتزوير انتخابات..
أردوجان باشا من أصل باشاوات، لذا يجب أن يتحدث هؤلاء ( ) عنه باحترام وأدب..
آخر السطر
هذا زمان الكبار..