فصل من رواية منامة الشيخ (ميراث الفتنة) لممدوح عبد الستار

الأربعاء، 09 يونيو 2010 04:05 م
فصل من رواية منامة الشيخ (ميراث الفتنة) لممدوح عبد الستار القاص ممدوح عبد الستار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الشمس على وشك أن تختبئ مع حزن الناس وعيون الأطفال المتعبة. وسليمان العبد منتظراً الميت، وأولاد همّام الحانوتى أيضاً.

حَبَل قلب "سليمان العبد" برؤية همّام الحانوتى الذى شارف على المائة، والذى لم يخرج للقبور منذ مدة طويلة.نسيه الموت، ونسيته القبور، والناس.

من بعيد؛ لمح "سليمان العبد" همّام الحانوتى {لا معنى للموت إلا بوجوده. هكذا تعودتْ البلد. هو للموت حزنه، وللناس دفنة مريحة. هو الموت، أو الموت هو} هكذا كان يفكر "سليمان العبد". وهمّام الحانوتى يكنس حصى الطريق وزبالته بذيل جلبابه الطويل، والذى يرفعه على فترات متقطعة، وكان يتكئ على عصا سنينه. ألقى على موتاه سلامه،ونادى"سليمان العبد"، وأمره بفتح المقبرة.

لمّ "سليمان العبد" الحصوات الكبيرة وبعض العظام، وركنها على يساره، وهو يكمل تسوية أرض القبر سمع {هذا صوت أبو الفتح سنية،وهذا صوت الحاجة سنية} مدّ بوزه، ولمح جركن ماء، وصُرّة مربوطة. زحف على أربع حتى وقف أمام همّام الحانوتى، وقبل أن يسأل؛ قال همّام الحانوتى:

- جركن ماء من عند النبى، ورمل طاهر من طور سينا
رشّ "سليمان العبد" ماء زمزم بأركان القبر، وحفنات الرمل الأصفر، وسوى المقبرة، وهو يتعجب (سبحان الله!) سأله همّام الحانوتى عن تمام صنعته. بعدها؛ قال همّام الحانوتى.. مشيراً للواقف بجانبه
- غَسّلتْ المرحوم ؟!
لم يرد"حامد"
- أنت ابنه؟!
- نعم
"وحامد" يكز على أسنانه، والتى تصدر صوتاً كريهاً
- العتب على النظر يا أستاذ!
وتسلّم همام الحانوتى الميت
- ماله خفيف؟!
- خلّصنا..أرجوك !
سارتْ الأجساد إلى وهمّها،وجلس همّام الحانوتى أمام فتحة القبر مع ظنه، ويقين يديه {حرام.. عيب.. خلّيك فى نفسك يا همّام} كان حديثه مع نفسه مسموعاً.
- مالك يا أبا همّام ؟!
حكى "لسليمان" هاجسه. لم ينتظر "سليمان العبد" أمر همّام الحانوتى. وهدم المقبرة، وجرّ الكفن.
- يا نهار أغبر!
- مالك يا ابن الكلب؟!
- عظم بهائم، وحمير، وكلاب. عظمة طويلة، وعظمة قصيرة. ما فى عظمة توحّد ربها للميت
تحسس الحانوتى العظام الكثيرة، وكتم أمر الميت على ناسه، وأجزم بخراب الذمة، وأمر "سليمان العبد" بسدّ فتحة القبر مرّة أخرى.
- يا عم خلّيها مفتوحة
تركه همّام الحانوتى، ومضى لداره، ولم يخرج مرّة أخرى للقبور، وحمل "سليمان العبد" الكفن إلى بيته. وبعد أسبوع؛ أودعه للخياط.

هذا ما سرده حسنين.. رواية عن أبيه، ورواية عن جدّه همّام الحانوتى؛ بعدما دعاه أحد مريدى "الشيخ فتوح" لزيارة ضريحه.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة