بعيدا عن أزماته..

"الديلر" يكشف مافيا المخدرات والسلاح

الأربعاء، 09 يونيو 2010 01:15 م
"الديلر" يكشف مافيا المخدرات والسلاح فيلم الديلر
كتبت علا الشافعى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عن الإنسان الذى يصنع قدره، والآخر الذى يتبع قدره ويرغب فى أن يكون أفضل حالاً ولكن القدر لا يمنحه تلك الفرصة، تدور دراما فيلم "الديلر" التى صاغها الدكتور مدحت العدل بحرفية عالية وأبعاد ملحمية تحاكى الدراما اليونانية، عن تلك المجتمعات التى تقسو على أبنائها ولا تترك لهم الخيار أبدا فى أن يعيشوا حياة كريمة، وتبدأ الأحداث فى"شق الثعبان" أحد أفقر الأحياء المصرية من خلال بطلينا "يوسف الشيخ" أو أحمد السقا، و"على الحلوانى" أو خالد النبوى.

طفلان فرضا عليهما الفقر حياة لم يختاراها وكان عليهما أن يتكيفا ويعيشا ولكن القدر وضعهم أمام الآخر كل منهما يرغب فى أن يكون الأقوى، وتمهد المشاهد الأولى قبل التترات لذلك الصراع الأبدى الذى ترصده كاميرا "سامح سليم" بخشونة شديدة وفى إيقاع مونتاجى سريع وبتعليق صوتى من خارج الكادر لـ"يوسف" وكأنه يقدم لنا نفسه ويعرفنا بغريمه وعدوه اللدود والذى لا يجمعهما سوى العراك ورغبة يوسف فى إثبات نفسه أمام بلطجة على، والذى لا يتورع فى ارتكاب أبشع الأعمال لإيذاء يوسف وأبسطها خطف حبيبته سماح والتى تجسدها مى سليم.

"على الحلوانى" يتلذذ بتلك الحياة ويستطيع التكيف والتغلب عليها يتاجر بأى شىء، فهو أقرب إلى الخرتية، حيث يبيع الحشيش للسياح ويلعب قمارا، لا شىء يوقفه أبدا فهو يصنع حياته كما يروق له ويستطيع أن يكيف الظروف لمصلحته، وقاسى على الآخرين وألفاظه تدل على شخصيته، حتى أنه يقول لزوجته "أنا لو مكنتش كيفتك مكونتيش بقيتى أم مصطفى"، وأيضا العديد من الجمل الحوارية على لسانه ومنها: "ما تحورليش بروح أمك" و"ما تعرجش عليا"، فهو بطلجى وطموح ويخطط لحياته.

يوسف الشيخ ابن رجل دين بسيط يؤذن فى "زاوية الحتة"، الفقر والعجز جعل أبوه يكتفى بدينه، أملا فى أن يجد الحياة الإنسانية فى الآخرة وكل أمله أن ينصلح حال يوسف، لكن يوسف يحلم بالهرب من الفقر والبلد التى أصبحت تأكل أبناءها، وبالطبع يحمل اسم يوسف إسقاطا واضحا، فيوسف الذى لا يستطيع الفكاك من مصيره ويهرب، يفقد أبيه بصره بسبب البكاء عليه – مشهد الوداع بين يوسف وأبيه الذى جسد دوره صبرى عبد المنعم من المشاهد المميزة للاثنين- وإذا كان على لا تفرق معه "الوساخة"، على حد تعبيره، فإن يوسف يحاول الخلاص، ولكن لا يجد مخرجا فكل شىء حوله يدفعه لعالم الإجرام، سماح والتى تجد نفسها حاملا من "على" بعد زواج عرفى، وتضطر إلى أن تساعده على الهرب معها ضمن فرقة الفنون الشعبية فى إحدى رحلاتها إلى أوكرانيا، وترضخ أيضا ليوسف بحكم المشاعر القديمة بينها وأنهما أبناء نفس الحتة.

من أجمل مشاهد الفيلم عندما يذهب يوسف إلى منزل سماح ويشاهده على، ويمسك سماح من شعرها، مشهد ملئ بالمشاعر التى يكنها كل منهما للآخر، تمثيل شديد الاحترافية من السقا الذى يرغب فى الفرار من هذا العالم، ومن الفقر والعجز حتى لو كان عن طريق عدوه اللدود، وبوساطة الحبيبة التى باعته، وأداء محسوب بدقة وبراعة من خالد النبوى، الذى لا يعنيه سوى مصلحته، حتى لو جاءته من ألد أعدائه، وجمل حوارية مكثفة وخشنة نابعة من تلك الشخصيات وواقعها الحياتى الشديد المرارة، ولا يتردد على أن يلقى بيوسف فى السجن قبل سفره، "كآخر قلم يعطيه له".

شخصيات الديلر واضحة، والدراما تسير وفق منطق وهناك أحداث يتم تضفيرها دون شرح ومعلومات مكررة، حيث لم يهتم المخرج برصد كافة تفاصيل تطور رحلة النبوى فى أوكرانيا باستطراد بل جاءت مشاهد مكثفة ومحكمة، فالنبوى يسافر لأوكرانيا، ويهرب ومعه مى سليم التى يجبرها على العمل كراقصة فى الملاهى الليلية، ويبدأ دخول عالم المافيا بذكائه الفطرى.

وبالتوازى يوسف يخرج من السجن ويبحث عن فرصة هجرة غير شرعية عن طريق تاجر ملابس صديقه يجسد دوره سامى العدل، ويصعد هو الآخر فى طريقه بعد صدمات ويدخل مافيا المخدرات عن طريق "فرحات الكردى" أو نضال الشافعى، والذى تتأكد موهبته يوما بعد يوم، وفى إيقاع شديد التكثيف ينتظر المشاهد اللقاء الأخير بين على ويوسف، وأضفى التصوير الخارجى بعداً جمالياً للفيلم.

"الديلر" فيلم تجارى يغوص فى دنيا المخدرات والسلاح وصعود لأبطال من واقع الحياة، ودراما حياتية تستمد تفاصيلها من الواقع، والذى كثيرا ما يفوق الخيال، ولن أحرق الكثير من المشاهد خصوصا مشهد النهاية والذى يجمع بطلينا السقا وخالد النبوى.

"الديلر" فيلم يحترم المشاهد، ويضم عناصر فنية شديدة التميز، ديكور، وتصوير، وموسيقى معبرة، بسيطة، تأخذ من روح الفيلم بدون ضجة، ومباراة تمثيلية بين السقا والنبوى أدارها المخرج بحرفية واستطاع إخراج أفضل ما فى أبطال العمل وأفضل ما فيهم، حيث شاهدنا منة فضالى فى دور شقيقة السقا وهو دور صغير لكن أجادته بحرفية شديدة.


موضوعات متعلقة..

مى سليم: دخلت مصحة للإدمان بسبب "سماح"
أزمات الديلر.. إصابات السقا وخلافات المنتج مع المخرج وتأجيل عرضه أكثر من مرة
السقا وتجسيد الشخصيات الحقيقية
خالد النبوى: جلست مع بلطجية فى إمبابة علشان أعرف "على الحلوانى" بيتصرف إزاى
السقا: دور يوسف الشيخ يحمل تناقضات الخير والشر
نضال الشافعى: السقا ابن بلد وجدع وأتقنت اللهجة على يد مترجمين
أحمد صالح: تعرضت لهجوم من مجرمين فى تركيا لأننا صورنا فى منطقتهم





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة