حينما تجتمع براءة الوجه بصلابة الإرادة فأنت أمام حازم فاروق وحينما تلتقى فضيلة الاستماع بأدب الحوار فأنت أمام محمد البلتاجى، هما طبيبان ونائبان وطنيان تحت قبة البرلمان وليس مهماً فى هذا السياق أى سؤال عن انتمائهما السياسى والتنظيمى.
شرفت بالاقتراب منهما فى إحدى قوافل الإغاثة المتوجهة إلى غزة، وكنت قبلها قد تعرفت عليهما فى ساحات الاحتجاج السياسى وأشهد أن كليهما نموذج للكادر السياسى القيادى، الذى تتكامل فيه كل المهارات المطلوبة سواء الفكرية أو السياسية أو التنظيمية.
لذلك لم أندهش لمشاركتهما الجسورة فى قافلة الحرية التى أبحرت إلى غزة بهدف كسر الحصار عن أهلها المعتقلين داخل سجن الجغرافيا العربية والصهيونية، وحينما تواترت الأنباء عن اختطاف عصابة باراك للسفينة مرمرة، ظللت واضعاً يدى فوق قلبى فزعاً على الصديقين الرائعين حتى أعلن الإفراج عنهما ووصولهما سالمين إلى منفذ طابا.
رغم القلق الذى اعتصرنى على النائب والأستاذ الجامعى محمد البلتاجى لكن ثقتى فى قدارته على التعامل مع الموقف ملأت قلبى يقيناً بعودته لدوره ونشاطه الدءوب فى التحضير لفعاليات جديدة، أما الصديق والنائب جراح الفم والأسنان حازم فاروق، فلم يسارونى أى شك فى نجاته من أى مكروه، فالشيطان ذاته سينهزم أمام سماحة روحه النقية.
على التليفون مع دكتور حازم استمعت لتفاصيل المواجهة بين قافلة الحرية وجنود إبليس، كان عطر المقاومة فى صوته يغلب رائحة الأسى على الضحايا والشهداء، ويبدو حازم صاحب ذاكرة بصرية رقمية تحتفظ بآلاف الصور والتفاصيل.
وفى مقر الكتلة البرلمانية بالمنيا كان لقائى مع دكتور البلتاجى، وبعد القبلات والأحضان والتهنئة بالسلامة، استمعت واستمتعت بقدرته المنهجية والمنظمة على السرد والتحليل، فلكل معلومة وحادثة هامش وخلفية، مقدمات ونتائج، أذهلتنى قدرته هو ورفيقه حازم على التعامل مع المصابين من الجنود الصهاينة كطبيبين أعزلين فى سلوك إنسانى نادر وفى لحظة استثنائية كاشفة.
وكذلك حجم الشجاعة والثبات لدى المئات من الناشطين الدوليين خاصة بعد الإنزال الإسرائيلى الأول والثانى فوق السفينة مرمرة وهو الأمر، الذى أصاب جنود العدو بالرعب رغم أسلحتهم الفتاكة الموجهة إلى العزل من الشيوخ والنساء.
وبرغم سقوط الشهداء والمصابين إلا أن قافلة الحرية نجحت بامتياز فى تحقيق هدفها بكسر الحصار عن غزة، وفضح التواطؤ الدولى والعربى على الحق الفلسطينى فى الحرية.
وقبل كل ذلك نجح مواطنان مصريان عربيان فى الحفاظ على ماء وجوههنا بالمشاركة والمواجهة وبالقدرة الإعلامية على كشف الحقائق، والرد على الأباطيل والمزاعم، وأخيراً هل يفيد كثيراً أو قليلاً أن يعرف القارئ أو المتابع أن البلتاجى وحازم عضوان قياديان فى جماعة الإخوان المسلمين؟.