أنا تاج العلاء فى مفرق الشرق ودارته فرائد عقدى.. أنا إن قدر الإله مماتى لا ترى الشرق يرفع الرأس بعدى.. قد وعدت العلا بكل أب من رجالى فأنجزوا اليوم وعدى.. وارفعوا دولتى على العلم والأخلاق فالعلم وحده ليس يجدى..
كلمات خالدة للعظيم حافظ إبراهيم.. أين نحن من هذا التاريخ العريق!؟ كانت لنا فى الماضى معارك و نزالات من أجل غايات عالية.. فما هى معاركنا وقضايانا اليوم؟!
تتعالى الأصوات وتتشابك فى سيمفونية منظمة فى كل غث وضعيف من الأحداث.. مقالات تحتشد بها الجرائد والمجلات.. مقابلات.. أحاديث تمتلئ بها القنوات الفضائية.. تبث سموما لإلهاء العقول وتغيبها عن مشاكلها الحقيقية وواقعها المرير..
إن الكره والفن أصبحتا أفيونا لشعوب الغيبوبة لا يفيقون منهما ليلا ونهارا.. فمن مشاهدة الأفلام للأغانى لمباراة كرة القدم!! مصرنا أريد بها السوء منذ زمن بعيد.. فشد إليها الرحال من الشرق من أناس لا يعرف من كانوا وراءهم.. يسمونهم رواد الفن.. جورج أبيض ودولت أبيض للتمثيل وتوجو مزراحى والأخوان لاما للسينما وبديعة مصابنى رائدة كشف الصدور والأفخاذ وهز المؤخرات فعملوا واجتهدوا ونشروا ما نشروا.. حتى وصل الحال لما نحن فيه الآن!!
هناك أمثلة لصناعة السينما والدراما ولكنها تخاطب العقول.. أما من اختاروا مخاطبة الجزء السفلى من الجسد وجواز مرورهم للشهرة والمال من خلال العرى وفحش الكلام فاختاروا الطريق السريع للمرور غير مبالين بما ينشرون من ضلالة وضياع!!..
ماذا استفادت مصر من الفن والرياضة.. هل تحولتا إلى صناعة كبرى تجنى من وراءها المليارات!؟ هل كانت وسيله للرقى بأخلاق ووعى وضمير هذا الشعب.. أم تحولت فى أغلب الأحيان لوسيلة للفساد والإفساد..عندما تزول لحظات الهزل ممن يشاهدونهم من البلاد المحيطة نعير بهم من العوام بصور أجسادهن العارية وبأننا بلاد الراقصات.. ما هى محصله ما يقارب تسعين عاما؟.
هل قاموا بنشر ثقافة أو قيمة أخلاقية؟ أم أدخلوا علينا الفج والقبيح من العادات والسلوكيات فأصبح الكثير من الناس تجرى وراء شهواتها.. دينها المصلحة الشخصية ونفسى وبعدى الطوفان! وأن مت عطشانا فلا نزل القطر!.
هل ريادتنا كانت من خلال الفن والرياضة.. أم من خلال ريادة الأزهر الشريف والجامعات المصرية وإيفاد الطلاب إليهم من جميع البلاد المحيطة منذ بداية القرن الماضى.. من خلال المعلمين الذين أوفدوا للتدريس لأشقائهم.. من خلال رواد الفكر من الكتاب والشعراء.. من خلال إدراك مصر أننا أمة واحده مصيرها واحد فخضنا معاركها من عين جالوت ضد التتار إلى خروج صلاح الدين حاكم مصر لمحاربة الصليبيين إلى حرب فلسطين وما تبعها من حروب ونزول.. إلى مساعدة أشقائنا لنيل الاستقلال من الاحتلال المذموم إلى حلم الوحدة بين البلاد.. هذه هى ريادة مصر الذى اختزلها البعض ممن سلطوا على عقل الأمة وحولوا ذاكرتها إلى ذاكرة من الأفلام والطبل والزمر والأغانى والمباريات التى يحفظها معظم شعبنا عن ظهر قلب!.
ماذا سيحث إذا حصلت مصر أو الجزائر على كأس العالم ورجعت به إلى بلادها واستقبلوا استقبال الأبطال الفاتحين وفتحت لهم الخزائن ليأخذوا من أموال إخوانهم الفقراء والعاطلين وساكنى العشوائيات والمقابر! ماذا سيحدث؟ هل سيحذفون اسم مصر أو الجزائر من قائمة دول العالم الثالث المتخلفة ويضعونها فى قائمة العالم الأول أو الثانى!؟ إن الأرجنتين بما لها من صولات وجولات فى كأس العالم.. انهزمت عسكريا وانهارت اقتصاديا وشاهدنا بعضهم يبحثون فى حاويات القمامة عما يقتاتون عليه! إن تاريخ الشعوب وتقدمها لا تصنعها الأقدام ولا الصدور ولا الأفخاذ! ولكن يصنعها علمها وتقدمها ووعيها بقضاياها وعزة نفوس أهلها..
هل أصيبت كرامتنا لأن مغيبى العقول قد أحرقوا علما أو قذفوا البعض بالحجارة أو لوحوا بالمطاوى والسكاكين وهل هذا لا يحدث فى بلدنا بعد مباراة بين جرجا ونبروه؟ إن أعلام أمريكا وإسرائيل تحرق صباحا ومساء فماذا حدث؟ هل ذهبنا بكرامتهم إلى الجحيم.
هل تعامت الأبصار وتشوشت العقول لنتبادل سيول الردح والقاذورات والشتائم والشماتة من الجانبين ونترك الساحة للجهلاء ومدعى الوطنية الكاذبة ومحبى الظهور وأخذ اللقطة.. ليقوموا بغسل عقولنا وإخفاء الباطل الذى يملأ جيوبهم ونفوسهم و أفئدتهم!
إن كرامتا قد امتهنت يوم احتلت فلسطين وزرعت الصهيونية فى جسدنا.. يوم سقطت بغداد عاصمة الخلافة.. يوم سقط آلاف الشهداء فى غزه.. يوم تفككت الصومال ودخلها الأثيوبيون.. يوم ترك السودان لقمة سائغة يريدون لها أن تتفكك دويلات! يوم تقاذفت الأمواج على شواطئ تركيا وأوربا جثث شبابنا الهارب بحثا عن لقمة عيش وحياة كريمة! يوم أن ترك الآلاف من بسطاء هذه الأمة الذين تغربوا ويمدون بلادهم بالمليارات من عرق جبينهم وعملهم الشريف ويمثلون دعامة حقيقية لاقتصاد بلدهم يصارعون الموت لساعات طويلة عندما غرقت العبارة السلام 98..
لم تمتد لهم يدا بالنجدة أو المساعدة وتركوا يموتون كالهوام وهم يرفعون أبصارهم للسماء بعد أن عجزوا عن الكلام.. يشكون الظالمين لرب العالمين..
هل شاهدنا أحدا من زمرة هستريا الفتنة من الفنانين والصحفيين ذهب ليقف مع البسطاء فى هذه الكارثة المروعة!؟ رأينا فقط سيلا من الدموع والبكاء عندما خسرنا مباراة فى كرة القدم! فأين كانت هذه الهمة والصحوة و الآلاف من أهلنا من أطفال ونساء وشيوخ وشباب يصارعون الأمواج والحريق والغرق والظلام فرادى ولا منجد ولا مغيث!؟
اللهم اجعلنا هداة مهتدين..غير ضالين ولا مضلين.. اللهم ارفع مقتك وغضبك عنا.. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. اللهم لا تسلط علينا بذنوبنا من لا يخافك ولا يرحمنا.. اللهم آمين.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة