لا أحد يستطيع أن ينكر أننا نحيا صولات وجولات غير مسبوقة فى كيفية التعبير عن حرياتنا.. وخير دليل على هذا كافة الممارسات الحقوقيه التى يشهدها الشارع المصرى بصورة أقرب إلى أن تكون دائمة.. الملفت فى الأمر أننا كما استطعنا أن نصل إلى حرية الرأى وأصبحنا نملك آليات التعبير عن أمهات أفكارنا وتعددت أمامنا سبل ممارسة الحرية.. إلا أن كل هذا لم ينتقص أيضاً من حرية صناع القرار وأصحاب النفوذ ليمارسوا هم الآخرون حرياتهم.. ولكن حرية هؤلاء ليس مقصورة على مجرد التعبير عن الرأى أو حتى مجرد المشاركة فى طرح القضايا وبيان وجهات النظر، بل حريتهم تعدت هذه المرحلة لتصبح آلية للتصديق على حرية الآخرين من عدمها.
فلم نعد نلجأ إلى الدهشة عندما نلقى مظاهرة هنا أو إضراب هناك.. ولم نتحير كثيراً عندما نشهد وقفة احتجاجية أو اعتصام، فكلها باتت واحدة من معالم الشارع المصرى ومادة إعلامية جيدة لعناوين الصحف وبرامج التوك شو، ولكن ما يدهشنى بحق أننا شعب لا نسأم ولا نيأس.. فاليوم أنا أكتب وأنتقد، وبالأمس أحمل أقوى اللافتات أندد وأشجب، ومن قبل افترش الطرقات لاعتصم وأصيح هنا وأصرخ هناك، وأعلم جيداً أن صوتى قد أصبح قضية للرأى العام والمنظمات الحقوقية، ولكن ماذا بعد؟
فلنعلنها صراحة، أننا وبدون سابق إنذار نعيش أزهى عصور الحريه ننقد، نتظاهر، نحتج، نعتصم، ندين، نشجب، نطلق أعنف الشعارات وأقسى الهتافات.. نفعل كل هذا على مرأى ومسمع الرأى العام بأكمله محلياً ودولياً، أمام السلطات التشريعية بحماية السلطات التنفيذية.. بكل فخر نمتلك أقوى آليات الفعل، ولكن ماذا عن رد الفعل؟
قضيتنا الآن بكل حسم لم تعد فقداننا القدرة على التعبير عن رأينا، ولم تعد خوفنا من أن نقول لااااا، بل أصبحت القضيه الأهم هى الاستجابة لآرائنا.
دعونا إذن نتناقش بعقولنا لا بقلوبنا، فهى دعوة للعقلاء لا للثائرين على النظام.
هل يعقل أن يستجيب النظام وصناع القرار لأى مطالبات حتى وإن كانت مخالفة دستورية أو تهدف إلى مخالفات قانونية.. هل من العدل أن نصبغ الشرعية على مشاغبات قد تكون سبباً فى انتكاسة أمة بأكملها.. هل يرضى عقلاء الأمة بالتصديق على أى مطالبات ميزتها الوحيده أنها (مطالب شعبية) تأثرت أولاً وأخيراً بالعاطفة دون المساس بجوهر ونتائج المطالب.
أعلم أننا بحاجة للإصلاح والقضاء على الفساد بكل أنواعه وقواه، ولكن حتى لا يختلط الصالح بالطالح دعونا نفكر بعقولنا لا بقلوبنا، دعونا نستجيب لأصوات الحق ولنتجاهل تلك الأيدى الخفية التى تنشر الأفكار السامة فى محيطنا.. دعونا نعلم جيداً ما علينا قبل أن نطالب صارخين بما لنا.
أرجوكم رددوها معى.. (نريدها حرية بعقول ثرية لا بأصوات جاهلية)
فهمى الكاشف يكتب: نريدها حرية بعقول ثرية لا بأصوات جاهلية
الأربعاء، 30 يونيو 2010 09:40 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة