يمثل فشل "الحكومة" فى التفاوض مع المعتصمين واللجوء للأمن لفض الاعتصامات بالقوة كارثة. فشل المسئولون فى توضيح كثير من القضايا أمام الرأى العام كارثة. فمعظم الناس لم تشعر بالتعاطف مع الأب المعتصم مع بناته لفشله فى إلحاق إحداهن الحضانة، وذلك لأن الوزير تحدث معه وكان واسع الصدر أمام لغة الأب "المستفذة".
مطلوب توضيح للرأى العام، لماذا يعتصم هؤلاء البشر وبهذه الأعداد فى الشوارع ويعرضون أنفسهم وذويهم للسخرية والمخاطر؟ لابد من وجود سبب قوى لديهم يضطرهم إلى ترك بيوتهم ومصالحم والمبيت فى الشوارع وسط القطط والكلاب الضالة، ولابد من محاسبة المسئول الذى تسبب فى اعتصامهم حتى ولو كان يتعلل "بتطبيق القانون" لأننا جميعاً نعلم أن هذا القانون له أنياب قوية أمام البعض وأسنان لبنية أمام البعض الآخر!.
إن إحساس المواطن بأن "الحكومة" لا تهتم وتترك كل القضايا لتصرف الأمن كفيل بأن يؤدى إلى كارثة، ترك الحكومة لهؤلاء المعتصمين يعبّرون بشتى الطرق عن سخطهم وامتعاضهم من قرارات أصابتهم فى مقتل كارثة. تلويح معتصمى أهالى طوسون بعدم قدرتهم على تنفيذ أحكام القضاء ضد محافظ الإسكندرية، وتمثيل ذلك بصورة رمزية أمام الصحافة والرأى العام كارثة، إنها إشارة سلبية لكل مواطن يسعى بالطرق الشرعية للحصول على حقوقة، فنحن نرى رئيس الجمهورية يشيد باستقلال القضاء ونرى محافظاً يضرب بأحكام القضاء عرض الحائط، ونرى مواطنين "يبلون" القرارات فى الماء ويشربونها، لقد زادت الهوة بين الشعب والحكومة.
هل فشل الوزراء ومديرو مكاتبهم بكل عِلمهم وخبرتهم ومرتباتهم الباهظة فى التفاوض مع أصحاب الاعتصامات؟ ولماذا أصلاً تصل هذه الاعتصامات إلى مكاتبهم؟ أليس هذا دليلاً على فشلهم فى اختيار معاونيهم فى شتى المحافظات؟ وكيف لوزير يرى هؤلاء المعتصمين ذهاباً وإياباً بهتافاتهم الغاضبة وألفاظهم النابية فى كثير من الأحيان أن يكون مُنتِجا فى مكتبه وسعيداً فى أسرته؟ كثير من المسئولين يتحدثون وكأنهم من كوكب آخر، فهذا يتغزّل فى رغيف العيش وهذا ينشد شعراً فى البطاقة الذكية، وذاك يتحدث بفخر عن النمو الاقتصادى الذى تحقق وفرص العمل التى قفزت وهذا يتغنى بالزيادات فى أجور العمال والموظفين وآخر ينسج قصصاً عن إنجازاتة فى حل مشكلة السكن والبطالة، ولكن على أرض الواقع هل يشعر المواطن العادى بكل هذا؟
نحن لا نمللك رؤية للمستقبل نحن نعمل وفق رؤى فردية تتغير بتغيير المسئولين ولا يوجد مشروع قومى نلتف حولة ونربط الحزام من أجلة.
نحن كشعب موقعنا فى هذه الدولة "مفعول به" وليس "فاعل" وأى نداء للمشاركة فى الانتخابات هى باهتة وضعيفة التأثير، لأننا نعلم مسبقاً أنه حتى لو ساهمنا فى انتخاب شخص ما فإنه سوف لا يكون لنا أى تأثير على تحديد رؤيته وسياساتة وقراراته لأنه سوف يصبح "الحكومة" ونحن سنظل "الشعب" وفرق كبير بين الحكومة الـ" فاعل" وبين الشعب الـ"مفعول به" وهذا يؤدى بدوره إلى مزيد من الاعتصامات ومزيد من الحلول الأمنية، تُرى متى يتحول الشعب إلى "فاعل"؟.
عماد جرجس الراوى يكتب: وماذا بعد كل هذه الاعتصامات؟
الأربعاء، 30 يونيو 2010 05:58 م
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة