د. أشرف بلبع

ألاعيب صغيرة

الأربعاء، 30 يونيو 2010 12:33 م


النظام الحاكم قلق إلى الحد الذى يجعل أصابعه تلعب فى كل التفاصيل. زيارتان لمدينتين جذبتا الانتباه لإمامين.

كنا يوم الجمعة منذ عدة أسابيع بمدينة المنصورة فى زيارة بصحبة دكتور البرادعى ودخل الجمع المسجد لآداء صلاة الجمعة فتأخر ظهور الإمام قليلا وعند اعتلائه المنبر سرت همهمات مرتادى ذلك المسجد بأنه ليس الإمام المعتاد، وبدأت الخطبة ليردد المرة تلو المرة وبطريقة مستفزة أن حب الله سبحانه ورسوله عليه الصلاة والسلام يستلزم بل ويرتكز على طاعة أولى الأمر كما أمرتنا الآية الكريمة "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم"، حتى بدأ المصلون فى مغادرة المسجد الواحد تلو الآخر احتجاجا على ألاعيب الأصابع المغرضة التى استباحت المساجد.

خرج من أمام المسجد حوالى الألف فى مظاهرة تطالب بالحريات السياسية والديمقراطية المفقودة.

مرت أسابيع ودخل دكتور البرادعى مسجد سيدى جابر بالإسكندرية لأداء الصلاة ففوجئ المصلون بالإمام يطيل خطبته حتى بدت وكأنها بعد مرور خمسين دقيقة بدون نهاية. سرت همهمات والإمام كله إصرار على تجاهلها.

بدا الوضع وكأنه إعادة مستفزة لنفس التلاعب والتجاهل الذى يتعرض له الشعب خارج المسجد. لم يدرك الإمام والذين أمروه أنه ليس كالحاكم بأمره خارج المسجد وأن الأمن المركزى لن يدخل المسجد ليسيطر على المصلين. ثار المصلون وعلا هتافهم الله أكبر إلى الدرجة التى أرغم معها الإمام على بدء الصلاة مباشرة بدون أن يتمكن حتى من الختام أو الدعاء أو الإقامة.

خرج المصلون بعد الصلاة فى غليان من ألاعيب السلطة التى وصلت للمساجد وانعكس ذلك فى قسوة الهتاف الخارج من قلوب الآلاف الممتلئين حزنا على الشاب خالد سعيد وغضبا من السلطة التى قتلته.

تحول الاحتجاج الهادئ للمصلين فى زيارة المنصورة إلى ثورة عنيفة منهم فى زيارة الإسكندرية وزادت أعدادهم من المئات بالمنصورة إلى الآلاف بالإسكندرية ولنا جميعا فى ذلك معنى سيصر أعمى البصر والبصيرة على رفضه.
لقد فقد النظام قدرته على حفظ الاتزان وأصبح يعتمد على قدرته غير المحدودة على التلاعب وعلى قبضته الأمنية التى تسخر لها موارد بدون حدود أيضا. فقد النظام كل مصداقية يحتاجها للحكم وأصبح الشعب لا يصدق من حيث المبدأ كل ما يقوله هذا النظام.

لقد تلاعب النظام بكل السلطات وكما شهد شاهد من أكابر أهل القضاء وهو المستشار الخضيرى، فهل يصعب عليه اختراق مصلحة الطب الشرعى. هل ينتظر من الشعب أن يصدق أن خالد سعيد قتل نفسه؟

أصبح من المضحكات المبكيات ملاحظة الألاعيب التى يلجأ لها النظام لتخريب المناسبات التى لا تلقى قبولا عنده فنراه فى يوم الوقفة الاحتجاجية لأساتذة الجامعات للمطالبة باستقلالها يدبر مسيرة شبه عسكرية لفرق الكشافة فى نفس الوقت والمكان. نراه أيضا يمرر مسيرة من صغار السن بالأعلام الملونة فى نفس الوقت والمكان الذى يقف فيه الشباب بالسواد على كورنيش الإسكندرية حزنا على قتل خالد سعيد. نرى هذا النظام يبدع فى أساليب المنع من المنبع لمرشحى الانتخابات المحلية السابقة غير المرضى عنهم فنجده يرص الطوابير الطويلة من أعوانه ومنذ الصباح الباكر لمنع وصول الآخرين لشباك قبول طلبات الترشح قبل إغلاقه، ويتكرر هذا كل يوم ومن يصل يفاجأ بطلب إضافى سخيف ومتعسف ليغادر الشباك مذهولا.

تم الوعد بإلغاء حالة الطوارئ وتم الوعد بإجراء انتخابات نزيهة لمجلس الشورى فلا تم هذا ولا ذاك. يظن النظام أن الشعب لا يفهم ولا يتذكر وغير قادر على الغضب ولا على تفعيله يوما فلماذا القلق؟ الحقيقة أن كل مخلص لمصر عليه أن يقلق فالخط البيانى للأحداث وبدون شك تصاعدى وهذا الاتجاه ستكون نتائجه وخيمة على الجميع.

انتخابات مجلس الشعب على الأبواب وسياسة التلاعب بكل شىء واعتبار أن الشعب غير قادر على أى تفعيل لغضبه سيكون بمثابة إشعال للموقف نحو الغليان ومخطئ كل من يظن أن هذا شعب ميت لا يرى ولا يسمع ولا يتكلم ولا يغضب ولا يرفع قبضته أبدا.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة