أجمع عدد من المبدعين والشعراء على الدور البارز الذى حققه الشاعر الراحل محمد عفيفى مطر فى الحركة الشعرية المصرية والعربية على حد سواء، مشيرين إلى أن آراء مطر الصادمة وانتقاداته الصريحة تجاه البعض، كانت سبباً فى إبعاده عن كافة المؤسسات الثقافية الرسمية.
قال الشاعر أحمد الشهاوى، إن مطر كان أقرب الشعراء إليه روحاً وشعراً، وجمعتهما صداقة عميقة، ومن أبرز المواقف التى التقيا فيها كانت من خلال جلسات لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة، والتى شهدت ثورة مطر وانتقاداته لسلوك اللجنة، والتى تسببت فى استقالته منها عقب منح الشاعر أحمد عبد المعطى حجازى جائزة الشعر لنفسه، وهى الحادثة الأشهر التى تعرضت لها الساحة الثقافية والشعرية حديثا.
وأضاف الشهاوى، من بين المواقف أيضا التى جمعت بيننا عندما سافرنا معا إلى اليونان لحضور المهرجان الأول لشعراء حوض البحر المتوسط، والذى عُقد فى مدينة "قولة"، وهى المناسبة التى شهدت بدايات خلافى مع الشاعر الفلسطينى سميح القاسم الذى شارك فى المهرجان نفسه تحت اسم وعلم دولة إسرائيل، مما دفعنى أن أطلب من مطر التدخل وإقناع القاسم للعدول عن قراره لأن هذا لا يليق به كشاعر عربى يكتب العربية.
وأوضح الشهاوى أن الشاعر محمد عفيفى مطر، تعرض للظلم كثيراً خلال حياته وخاصة من الشعراء أبناء جيله، والذين تولوا مناصب رئاسية فى المؤسسات الثقافية، وهذا ما أدى إلى عدم وصول أعماله الشعرية على مدار سنوات طويلة إلى قرائه، ويؤكد الشهاوى على أن مطر كان دائم الشكوى والانزعاج من تصرفات كثير من الشعراء معه، ولكن طباعه كفلاح جعلته ينأى بنفسه عن الدخول معهم فى معارك فى البداية حتى جاءت السنوات الأخيرة له، وحملت الكثير من الصدمات بينه وبين الآخرين، فهاجم من هاجموه "بعدما طفح به الكيل".
وأكد الشهاوى على أنه سيعاد اكتشاف عفيفى مطر شعرياً بعد موته، فعلى الرغم من وجود العديد من الدراسات الجامعية والكتب النقدية عنه، إلا أنه لم يُقرأ بالقدر الكافى نقديا وأكاديميا.
وطالب الشهاوى المهندس إبراهيم المعلم رئيس مجلس دار الشروق للنشر بإعادة طباعة أعمال مطر الشعرية كاملة من جديد، كما طالب سيف المرى رئيس تحرير مجلة دبى الثقافية بإعادة المخطوطة التى كتبها مطر بخط يده وأعطاها للكاتب ناصر العراق ووعد بنشرها قبل رحيله إلى البحرين ومغادرته لمنصبه بالمجلة.
وقال الفنان التشكيلى الدكتور عبد الوهاب عبد المحسن، إنه تعرف شخصيا على الراحل عفيفى مطر عام 1983، حيث كان يعرفه قبل ذلك من خلال أشعاره وأعماله فقط ولم يلتقيا وجها لوجه، وأشار عبد المحسن إلى أن عفيفى كان بمثابة أستاذ له فتعلم منه الكثير من خلال مواقفه الإنسانية وأرائه الصريحة المنطقية.
وأضاف أن عفيفى مطر كان يمتلك ذاكرة قوية أشبه بالذاكرة التسجيلية، فكان يتذكر الأسماء والأماكن والوجوه ببلدته حتى لو عاد إليها بعد 30 عاما، فيسرد الأحداث وكأنها وقعت بالأمس.
وأوضح عبد المحسن أن عفيفى مطر كان كثير التمرد على القوالب النمطية فى الشعر والتفكير، وكان دائم الاعتزاز بقيمة الفلاح وعلاقته بالأرض.
وقال الشاعر فارس خضر: من المؤكد أن عفيفى مطر كان شاعراً كبيراً، ونجح من خلال شعره فى أن يفرض نفسه ويلمع على عكس أبناء جيله الذين استغلوا علاقتهم بالسلطة وأصحاب النفوذ للظهور على الساحة الشعرية والإبداعية، وهذا ما جعل عفيفى مطر فى دائرة المستبعد طوال الوقت على الرغم من حضوره الكثيف، فلم نجده يكتب مقالاً فى إحدى الصحف القومية يوما، وحتى عندما دخل للمؤسسة الثقافية وأصبح عضوا فى لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة سرعان ما تقدم باستقالته نتيجة خلافه مع حجازى.
وأضاف خضر أن عفيفى مطر كان الأب الروحى لجيل السبعينيات ولكنهم للأسف لم يعترفوا بذلك وحكموا على تجربته الشعرية بأنها مغلقة وفيها قدر كبير من الغموض على الرغم من أنها تجربة عميقة ومركبة وثرية.
وتابع خضر: على الرغم من اختلافى معه فى بعض الآراء، لكننى كنت أحترم آراءه وإيمانه بكل ما ينطق به، وكنت عندما أجلس أمامه لا أملك سوى الاحترام لتجاربه وخبراته العميقة، ويجب أن تقوم وزارة الثقافة بإصدار أعماله كاملة فى طبعة شعبية.
واختتم خضر حديثه قائلا، أعددنا ملفاً خاصاً عن عفيفى مطر فى مجلة الشعر بمناسبة مرور 75 عاما على ميلاده، وكان من المفترض أن تطبع المجلة يوم 25 ولكنى فوجئت بخبر دخوله فى غيبوبة خطيرة، فقررنا تأجيل الطباعة لحين الشفاء، ولكن للأسف كانت إرادة الله أسرع ولفظ أنفاسه الأخيرة أمس، فقمنا بإضافة بعض التعديلات على الملف وعنوناه "أغنيتان للبدء والرحيل.. عفيفى مطر فى ملف خاص".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة