لماذا لا نفيق نحن المصريين إلا بعد وقوع الكارثة، تعالت الأصوات القليلة الموضوعية من أن إهمال أفريقيا يعنى فقدان تأمين الظهير الخلفى لمصر، فجاء رد أودنجا ليعرى جهد حقبتين تجاه هذه القارة التى نحن جزء بسيط من شمالها باختصار مصر فى بيته وفى عقله بصورة كبيره لعبد الناصر، فماذا قدمنا طوال الثلاثين عاما لهذه الدول أو بالأحرى لأنفسنا، وللحق ماذا قدمنا فى الأحد عشر عاماً السابقة على الثلاثين!! فالمسألة ليست حصص ماء النيل المسألة مفهوم للمصالح وطريقة للتعامل معها لأن الخطاب القائل أننا نخوض المعارك بدلا من الآخرين ما هو إلا مغالطة ندفع ثمنها من هروب أبنائنا من تحمل مسئولية أجندة المصالح الخاصة بهم.
ولن نذهب بعيدا.. ماذا فعلنا منذ سقوط حكم جعفر النميرى للسودان الفناء الخلفى المباشر لمصر بقينا نلعب دور المشاهد لأننا لا نقبل أن نستثمر استثمار الضعفاء، بأننا نحارب بدلا من أو باسم كذا حتى أصبحت السودان بؤرة للأصولية التى نمت وحققت لنفسها أى، لأجندتها، الكثير من خلال هذه المساحة التى فرغت، ونحن نشاهد بل ونحتفى بالرجل المغضوب عليه من شعبه بدلا من المساهمة فى بناء الدولة العصرية، الجديد أن المتبقى على العام 2011 عام انفصال الجنوب الذى نتعامل معه، وكأن مصالحنا تتفق مع هذا الانفصال سوى أشهر، علما أن دولة الجنوب القادمة ستزيد دول حوض النيل رقماً يرفض التوزيع السابق لحصص مياه النيل أولا، وهذه الدولة لا تتحدث العربية ولا تدين بالإسلام، وتدين بالولاء لمن ساهم فى خروجها للعالم كدولة أى الولايات المتحدة، فهل نتوقع أنها تقبل بنا سياسيا، أو بالأحرى بمصالح مشتركة!
لماذا مصطلح مصالح مشتركة، لأن الصعيد أى جنوب مصر المنسى سوى من رصف طريق أو إعادة ظهور كورنيش، ومؤخرا افتتاح مطار سوهاج، هل يعنى تنمية الصعيد أو ربطه بالشمال، فهل من المقبول أن تتمتع المنيا بكورنيش جميل، ولا توجد به فرص عمل فتتحول إلى بلد طارد للباحثين عن لقمة العيش؟ لماذا لا نرى تحت أقدامنا من يحتكر حراسة العمارات فى العاصمة ألا تتقاسم أحياء القاهرة والجيزة محافظات الصعيد بفرز طبقى يعبأ الصدور؟؟ ونحن ننتظر من يأتى ليكشف عن حجم الغضب وما تكتمه الصدور من إحساس الجنوبيين من عدم عدالة توزيع الثروة، ويتساءل المسئولون لماذا التكدس السكانى بالعاصمة وبالمحافظات الكبيره! هل حقا يتساءلون لعدم وضوح الرؤية أم أن الواقع جلى كالشمس والقمر.
الإجابة كما أفهما أنا أن كل الدول القديمة التى تحمل تاريخا عريقا لديها عاصمة سياسية وأخرى اقتصادية ألا توجد شنغاهاى وبكين، أنقرة وإسطنبول، نيويورك وواشنطن، فلماذا لا تخرج العاصمة السياسية من القاهرة وتبقى العاصمة الاقتصادية، ويكون مشروع ربط الجنوب سياسيا قبل إحكام إغلاق الدائرة بمنطق توجيه ضربه استباقية، فهل أرى فى حياتى هذا النمو الطبيعى للجماعة المصرية وكسر احتكار رجال السلطة للمفهوم الضيق فى التعامل مع مشاكل الازدحام والفتنة الطائفية وسوء توزيع فرص العمل والثروة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة