ستبقى عملية الخصخصة فى مصر التى تمت على أيد الدكتور عاطف عبيد، منذ أن كان وزيرا لقطاع الأعمال العام ثم رئيسا للوزراء، النموذج الأكبر فى الفساد العام الذى تمكن من كل مفاصل الحياة فى مصر، وأعتقد أن هناك الكثير من الأسرار التى أحاطت بتنفيذها، وببيع شركات ناجحة بأبخس الأسعار لم يتم الكشف عنها بعد، غير أن الملاحظ فى كل الذى يتم الكشف عنه من تجاوزات أنها تظهر ثم تطير فى الهواء الطلق وكأنها لم تكن، ومن آخر فضائح الخصخصة ما أعلنه النائب البرلمانى عن الحزب الوطنى أحمد أبو حجى عن تورط نواب بدرجة رؤساء لجان برلمانية فى هذه القضية.
قال أبو حجى فى حوار لصحيفة الأهرام أمس الأحد أجراه الزميل أبو العباس محمد، أنه فى فترة عاطف عبيد ومختار خطاب كان هناك رؤساء لجان برلمانية هم فى الوقت نفسه رؤساء بنوك كانوا يمنحون المستثمرين قروضا من بنوكهم لتمويل عمليات الشراء، وكانوا يدعمون ويمنحون شرعية لهذه العمليات من خلال مواقعهم البرلمانية، وأضاف أبو حجى أنه كان هناك أيضا وكلاء للجان برلمانية شركاء فى هذه الصفقات ومن بين المشترين.
قيمة تصريحات أبو حجى أنها لا تأتى من نائب معارض، وإنما من نائب فى الحزب الوطنى، ويهاجم رئيس وزراء كان نواب الحزب يصفقون لكلماته أمام البرلمان حول الخصخصة، التى كان يبشر الشعب المصرى من خلالها بأن المستقبل مفروشا بالورود، والأهم فيها أنها تحمل اتهامات واضحة ومحددة للذين تحملوا بالدرجة الأولى مسئولية الخصخصة.
بدأ تطبيق برنامج الخصخصة فى مصر فى مطلع تسعينات القرن الماضى (1992)، وكان مجلس الشعب وقتئذ بلا معارضة تقريبا، ومن يعود إلى انتخابات مجلس الشعب عام 1995، وهى الانتخابات التى تمت دون إشراف قضائى سيعرف أنها كانت بداية التفات رجال الأعمال إلى الدخول فى مجلس الشعب، وتوسعوا فيها فيما بعد، وبصرف النظر عن التسليم بأن هذا حق لهم، إلا أن حقائق الأمور التى تكشفت فيما بعد دلت على أن هذا التوجه كان متناغما مع توجهات الخصخصة، وأفرز هذا المشهد حقيقة الرغبة فى زواج السلطة بالمال، وهو الزواج الذى تدفع مصر ثمنه غاليا الآن، وفى ظل هذا النهج رأينا كما قال أبو حجى رؤساء لجان فى البرلمان يمنحون مستثمرين قروضا من بنوكهم لشراء الشركات والمصانع.
هى شبكة الفساد التى سارت وفقا لعلم مدروس دفع مؤسسة هامة مثل المجالس القومية المتخصصة لوضع دراسة هامة فى منتصف التسعينات تقريبا بعنوان لافت هو: "علم الفساد"، تحدثت فيه عن أن الفساد فى مصر أصبح علما يقوم على أسس كثيرة أهمها، قيام الفاسدين بتجنيد كوادر لهم فى المؤسسات الحكومية وغيرها، بدءا من الموظف الصغير، مرورا بالأكبر وهكذا، وهذا بالضبط ما يقوله أبو حجى فى التجربة العملية، ومع كل ذلك سيمر كلام النائب مرور الكرام دون حساب.. فلماذا؟
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة