أمجد عاكف مراقب سوهاج راح ضحية اللامبالاة وتنفيذ القوانين والتعليمات بعبط وهبل، ولمن لا يعرف القضية هو مدرس كيمياء من المنيا وذهب إلى سوهاج كمراقب فى امتحانات الثانوية العامة، وأثناء وجوده فى استراحة غير آدمية أصيب بإعياء فأسرع زملاؤه بنقله إلى مستشفى طهطا العام لإسعافه، ولكن المستشفى رفض استقباله بحجة أن السيد وزير التعليم أصدر توجيهاته بعدم قبول حالات الثانوية العامة وتحويلهم إلى مستشفيات التأمين الصحى، ضرب زملاء المراقب تعظيم سلام لتعليمات الوزير المرعب نجل وزير الداخلية السابق وأسرعوا بنقل زميلهم وهو يصارع الموت إلى مستشفى التأمين الصحى الذى رفض أيضا إسعافه لعدم وجود بطاقة التأمين معه، ولوحوا بإمكانية التغاضى عن البطاقة لو دفعوا ألف جنيه، ولكن ما باليد حيلة لا بطاقة ولا فلوس واللى ما معهوش ما يلزموش، عاد المدرسون بزميلهم إلى الاستراحة وهم يلعنون البلد واللى فيها ولفظ المدرس أنفاسه بين يدى زملائه وقد جلسوا ينظرون إليه فى حسرة ومرارة، راح أمجد.. دفع حياته ثمنا للبيروقراطية وخراب الذمم وقسوة القلوب، ارتاح من وزير التعليم وحملاته ومخبريه ومن ولّاه ومن نفذ توجيهاته دون شفقة أو رحمة، لقد تكرر هذا المشهد مع نجلى التلميذ بالصف الثالث الابتدائى، حيث أصيب بمغص شديد أثناء وجوده فى المدرسة واتصلت بى المديرة لتطلب منى إحضار كارنيه التأمين الصحى فورا حتى يتم الكشف عليه، وكنت فى ذلك الوقت قريبا من المدرسة فأسرعت إلى هناك للاطمئنان على ابنى ولم أفكر فى كارنيه أو بطاقة كلها إجراءات روتينية تأتى بعد ذلك وكانت كارثة عندما وجدت الطفل يتألم أمام مكتب المديرة وعلمت من إحدى المدرسات أن الحكيمة رفضت الكشف عليه حتى أحضر كارنيه التأمين الصحى، طار عقلى وخرجت عن شعورى، وخرجت من فمى صواريخ طائشة مهذبة فى وجه الحكيمة التى لا تعرف شيئا عن الحكمة، وأسرعت بنقله إلى أقرب مستشفى، أى قانون هذا الذى يسمح لهم بالتخلى عن إنقاذ طفل يتألم، ماذا لو ضاع الكارنيه؟ هل يتركون الطفل يتألم وربما تسوء حالته بسبب الكارنيه، اللعنة على الكارنيه، بل اللعنة على القانون والتعليمات، أصبحنا نعيش فى عالم غريب لا يمت للإنسانية بصلة، ومع بشر ماتت قلوبهم ودفنوها بين ضلوعهم، إن دم أمجد فى رقبة وزير التعليم الذى أصدر تعليمات قاتلة تعد ضد الإنسانية والآدمية ولو كنا فى دولة تحترم المواطن وتحافظ على حياته لما تكررت هذه المهازل، ولكانت إقالة الوزير ومن نفذ تعليماته أقل ثمن حتى ترتاح روح أمجد الطاهرة .