الثانوية العامة معركة سنوية تحولت هذا العام إلى ما يشبه الحرب، انتقلت إلى الشوارع فى مظاهرات الطلاب وأولياء الأمور وبكائهم مع أبنائهم.. بسبب امتحانات الإنجليزى وحساب المثلثات ولم يشفع الجبر السهل ليجبر خواطر الطلاب، حرب سنوية وصلت هذا العام إلى مجلس الشعب، نواب اتهموا الوزارة بمعاداة الطلاب، والتعنت فى وضع امتحانات من خارج المنهج، الوزير رد بان الأسئلة من المنهج وزاد بان قال إنكم تطالبون بتطوير التعليم وعدم تخريج طلاب جهلة، وان صور الطلاب وهم يبكون كانت لعدد قليل وليس لكل الطلاب.
مجلس الشعب لم يسبق له أن ناقش قضية التعليم من أساسها ولا تقدم نائب بطلب لتغيير نظام التعليم او مكافحة الدروس الخصوصية. الخلاف بين النواب والدكتور احمد زكى بدر وزير التربية والتعليم، كان بسبب الثانوية العامة ، النواب قالوا ان الوزير يريد إعادة نسبة ال85%، وإنهاء ال100% ، الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب قال إن الحصول على 100% لا يعنى أن التعليم جيد، الدكتور سرور كان وزيرا للتعليم وفى عهده بدا تحويل التلاميذ إلى حقل تجارب تم إلغاء السنة السادسة وأعادها وزير آخر. بعض النواب عن أسئلة من خارج المنهج، لكنهم لم يتوقفوا طوال العام ليسألوا عن أسباب تدهور التعليم رغم أنهم ابدوا تعاطفا مع كل ولى أمر أو طالب غضب أو بكى.
هؤلاء الباكون هل يبكون فعلا على صعوبة الامتحان، أم خوفا من المستقبل الغامض الذى ينتظر أبناءهم ، وإذا افترضنا أن كل هؤلاء التلاميذ انتقلوا للجامعات وتخرجوا مثل كل عام، أين سيذهبون ، وهل فكر أحد نواب مجلس الشعب الذى قدم سؤالا أو طلب إحاطة فى أن كل تلميذ من هؤلاء بعد الجامعة سيحتاج واسطة ليجد عملا وان منهم ملايين ينتظرون دورهم.
هؤلاء الذين يشاركون طلاب الثانوية آلامهم هل يشاركونهم مخاوفهم من المستقبل الغامض ؟. هل يلفت نظرهم وجود عشرات الأنواع من التعليم الخاص والعام والأجنبى وأن التعليم أصبح طبقات ودرجات تجريبى وقومى وحكومى صرف، والمصاريف درجات تبدأ من ألف جنيه إلى مائة ألف ، واللى ما معوهوش ما يعلموش، تلاميذ المدارس الحكومى العربى يتخرجون بلا أى معرفة باللغة المطلوبة من اجل العمل، والمدارس الأعلى والأغلى تضمن لخريجيها تعليما متقدما يمكنهم من الحصول على مكان فى جامعة خاصة تقدم العلم والشهادة بالمال، ويضمن خريجو الجامعات ذات الأسماء الأجنبية العمل فى المستقبل فهل هؤلاء الذين بكوا مع تلاميذ المدارس من صعوبة الامتحان سيشاركونهم البكاء على المستقبل.
آلام الثانوية العامة آلام على عالم كامل وأجيال تواجه الغموض وملايين العاطلين أو الذين يضطرون لقبول عمل متدن حتى لا يقال عليهم عاطلين. هؤلاء هم من يستحق البكاء. وليس فقط الجبر أو الانجليزي، هناك تفرقة على أساس التعليم تخرج شبابا لا يعرف بعضه، ولا يتفق على شىء، ويخاف من المجهول ، فى عالم يباع فيه كل شيء بالواسطة أو المال. كل هؤلاء الطلاب فى الثانوية يستحقون أن يفرحوا، وأن يحصلوا على مقابل تعبهم، وأن يأملوا فى مستقبل أكثر إشراقا، وأن يذهبوا لجامعات محترمة تحترم عقولهم، وتمنحهم شهادات تصلح لما هو أكثر من ورقة لا تفيد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة