أبدى عدد من الخبراء مخاوفا من توقف المشروع القومى للإسكان الذى يعتبره البعض واحدا من أهم المشاريع المتاحة حالياً للتغلب على مشكلة الزيادة السكانية، حيث بدأ تنفيذ المشروع فى 1/10/2005، ومن المفترض أن يتم الانتهاء منه فى 30/9/2011 .
وبالرغم من تأكيد المهندس أحمد المغربى، وزير الإسكان، أن المشروع يسير فى محاوره المختلفة وعلى أكمل وجه وأنه لا توجد ثمة مخاوف بالنسبة لإتمام المشروع فى موعده المقرر، مشيرا إلى أن محاوره سوف تتعدى ما ورد فى البرنامج الانتخابى للرئيس، إلا أن هذه التطمينات من قبل الوزير لم تخفف من هذه المخاوف.
المغربى صرح بأن الوزارة اتجهت إلى الاستعانة بشركات خاصة فى تنفيذ المشروع، حيث إن الحكومة لا تستطيع توفير 500 ألف وحدة سكنية بتكلفة إجمالية 300 مليار جنيه، وهو ما يشكل عبئا على ميزانية الدولة، مما جعلها تتجه إلى ضرورة إسنادها إلى شركات خاصة.
ومن جانبه يؤكد الدكتور ممدوح حمزة، المهندس الاستشارى، أن وزارة الإسكان غير قادرة على استكمال المشروع القومى للإسكان والانتهاء منه فى المواعيد المحددة له، قائلا: "إنها من ضمن الوزارات المستعصية لدينا "كالصحة والتعليم".
وأشار حمزة إلى أن السياسة المتبعة فى المشروعات الإسكانية سياسة رأسمالية لا يمكنها خدمة الفقراء والاهتمام بهم، ولا توفر المجال لحل مشكلاتهم، مؤكدا اهتمامهم بطبقة الأغنياء الرأسماليين فقط.
مضيفاً أن الحل الذى سوف تلجأ إليه وزارة الإسكان هو استكمال هذا المشروع ضمن البرنامج الانتخابى الجديد للرئيس، حيث سيتم اقتراح برنامج انتخابى يبدأ من مكان ما انتهى إليه البرنامج السابق له.
ومن جانبه أكد الدكتور قاسم منصور، رئيس المركز الاقتصادى المصرى، إنه لا يوجد شك فى أن فكرة المشروع صائبة، بل ضرورية لمواجهة الزيادة السكانية، ولكن المشروع تكتنفه مشكلة أساسية وهى عدم إخلاص النية فى الهدف الأساسى من المشروع، متسائلا هل الهدف الأساسى هو محدودو الدخل أم تشغيل أموال اتحاد ملاك مصر؟، حيث إن هدف القائمين على التنفيذ هو تشغيل أموال أصحاب الشركات الخاصة، فبالتالى لم ينجح القائمون فى تنفيذه بالمعدلات المستهدفة فى مواعيدها المحددة.
وأضاف منصور أن الشركات الخاصة والمستثمرين التى تم إسناد المشروع إليهم يأخذون الأرض من الهيئة بثمن بخس دون أى قيد على سعر البيع للوحدات، ويبيعوها بأسعار خيالية تحت مسمى أن المقدم 5000 جنيه، ولكن السعر الكلى لا يقل عن مائة ألف جنيه بخلاف الفوائد للشقة مساحة 63 متر فقط، أى أن الدعم فى ثمن الأرض يذهب للمستثمرين.
وطبقا للبيانات المعلنة على موقع الوزارة تكلفة الـ 500 ألف وحدة 25 مليار جنيه، بالتالى تكون تكلفة الوحدة خمسون ألف جنيه، لذا تساءل منصور هل يمكن أن يدفع المواطن محدود الدخل خمسون ألف جنيه كاش (بدون دعم الـ 15 ألف جنيه)؟، أم لابد من عمل "بزنس" وأرباح خيالية لاتحاد ملاك مصر من أصحاب الشركات الخاصة القائمة على المشروع.
ويرى منصور أنه إذا كلت الحكومة من مواجهة وعلاج هذه المشاكل فلابد من اقتراح أحد البديلين، هما أن تعترف الحكومة بفشل الخطة، وتعهد بها إلى قواتنا المسلحة وهى قادرة على إنجاز المشروع فى الموعد المحدد، أو أن تستقدم الحكومة "طقم إدارة صينى"، وتسلمه المشروع، وسنرى معهم أساليب الإدارة الحديثة فى تنفيذ المشروعات بتكلفة أقل من مستثمرينا.
ومن جانبه أشاد اللواء جلال سيد الأهل، رئيس الجهاز التنفيذى للمشروع القومى للإسكان بالمشروع، راجعا ذلك إلى القيام بتوفير وحدات سكنية لمحدودى الدخل، وتمكين الشباب من امتلاك أراض بالمدن الجديدة فى وقت كان يصعب فيه عمل ذلك، وفى ظل ارتفاع أسعار الأراضى والعقارات، بالإضافة إلى المزايا التى منحها المشروع لمستفيديه من الدعم.
وأوضح مدير المشروع أنه لا يوجد شىء خال من السلبيات، مؤكدا أن الوزارة تحاول التغلب على مشكلات المشروع بقدر الإمكان، كما تتابع بشكل مستمر تسليم الوحدات والأراضى للمستفيدين، لافتا إلى حرص الوزارة الدائم على الانتهاء من المشروع فى الموعد المحدد له.
وأضاف أن دخول شركات القطاع الخاص والمستثمرين فى مثل هذه المشروعات يحسب للوزارة والذى كان لا يوجد من قبل لتوفير وحدات لمحدودى الدخل، مشيرا إلى أن تحديد سعر هذه الوحدات لا يخضع للوزارة أو الشركة، وإنما يخضع لوضع السوق والتنافس بين الشركات "العرض والطلب".
اقتصاديون: وزارة "المغربى" تتبع سياسة رأسمالية لا تهتم بمحدودى الدخل وغير قادرة على استكمال المشروع القومى للإسكان.. وقيمة دعم ثمن الأرض تذهب للمستثمرين
الأحد، 20 يونيو 2010 03:47 م