رمضان محمود عبد الوهاب يكتب: أزمة الشيخ والفنان

الأربعاء، 02 يونيو 2010 04:31 م
رمضان محمود عبد الوهاب يكتب: أزمة الشيخ والفنان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شهدت الأيام الماضية أزمة شديدة وتوترا كبيرا بين نجمين بارزين لكل منهما مكانته السامية وشأنه العظيم فى مصر، بما بذلاه من جهد جهيد فى إنماء وإذكاء الوعى الدينى والثقافى لدى الشباب، فضلا عن غرس القيم والمبادئ والأخلاق السمحة فى المجتمع، فبزغ نجمهما وذاع صيتهما فى الآفاق وأصبح لهما تأثيرهما البالغ على الناس فى حياتهم، فملكا عليهم أحاسيسهم ومشاعرهم ونالا منهم قسطا وافرا من الحب والعطف والحنان وجزءا من أموالهم.

ولم يقف أمرهما عند هذا الحد، بل جعلوا الناس يتتبعون أخبارهما ويتقصون أحوالهما فيفرحون لفرحهما ويحزنون لما يصيبهما من أذى إلى أن باتوا جميعا وحدة متناغمة لا تنفصم عراها رغم بعد المسافة بينهم، فالناس يرون فى النجمين المتألقين فى سماء حياتهم صورة أمل جميلة تتبدى أمام أعينهم وسيرة حسنة تنم عن صدقهما وإخلاصهما.
ولما لا؟ والشيخ يطل عليهم كل يوم عبر شاشات التلفاز يعلمهم أمور دينهم ويعظهم ويزكيهم، والفنان يطل عليهم أيضا يوما أو بعض يوم عبر شاشات التلفاز وشاشات السينما المختلفة، إلى جانب ظهوره بشخصه على خشبة المسرح ليقدم لهم أعماله الفنية والكوميدية العظيمة، التى تبعث على الضحك وترسم البسمة على الشفاة وتدخل الفرحة إلى القلوب، فتنبسط بها أسارير الوجوه العابسة وتزيل هموم الحياة البائسة.

لاشك فى أن الناس ينعمون بدور النجمين فى حياتهم ولكن تبعات هذه الأزمة وأصداؤها جعلتهم يقفون مليا عند ما قاله الشيخ عن الفنان، وما رد به الفنان على الشيخ بشأن هذه الأزمة التى شرعت فى نسج خيوطها بعد أن نشرت إحدى الصحف حوارا للفنان الكبير عادل إمام أثناء تواجده بالمملكة الأردنية الهاشمية صرح فيه بأن سماحة الشيخ خالد الجندى، الداعية الإسلامى المعروف، قد عرض عليه بطولة فيلم يحكى تاريخ الإسلام يقوم الشيخ بإنتاجه وحسب قول الفنان فإن الشيخ قد حرر له شيكا على بياض للقيام ببطولة هذا العمل، ولكنه رفض قبوله ويعزى ذلك لفنه الذى لم يجعله لدين واحد، وإنما جعله لكل الأديان وهذا التصريح لم يلق بالطبع قبولا ورضا الشيخ على حد قوله، وإنما لقى إنكاره وإعراضه وسخطه على الفنان موضحا زعمه الذى لم يكن صادقا وبعيدا كل البعد عن الصواب فيما يخص هذه الأزمة، بل زاد على ذلك فى إيماءاته عبر قناة أزهرى التى يطل منها حين سفه أعمال الفنان وسماه بأسمائها ثم عمد إلى التقليل من شأنه، فرد عليه الفنان من خلال برنامج البيت بيتك والحياة اليوم، مترحما على مشايخ الإسلام السابقين وذكر منهم الشيخ بصار والشيخ شلتوت والشيخ الغزالى، رحمهم الله، فى إيماء منه للتقليل من الشيخ ومكانته العلمية أيضا لتكتمل بذلك خيوط الأزمة بين النجمين وتنسج لنا مواقف متباينة لهما حيرت الكثير من الناس وشتت أفكارهم وذهبت بهم كل مذهب، ولم يستطيعوا حتى الآن الوقوف على حقيقة أمرهما ليتأكدوا، من كان منهما على صواب ومن كان منهما على خطأ، وأغلب الظن أن الناس يتحرجون من موقف النجمين ولا يريد أحد منهم أن يصف الشيخ بالكذب ولا يريد أحد منهم أن ينعت الفنان بالكذب أيضا، فصورتهما أمام الناس تبدو زاهية ورائعة بالصدق، والكل يودون أن تبقى الصورة على حالها ولا تتأثر بمواقفهما الأخيرة..
غير أن الأمور تحتاج منا إلى وقفة قصيرة نتساءل خلالها عن موقف الشيخ من الأزمة، ولماذا تعامل معها بهذه الطريقة المهينة، وكان أحرى به أن يتجمل فى القول وأن يحسن إدارتها كونه القدوة والمثل للمجتمع بجميع طوائفه ومعتقداته!
وكذلك نفس السئوال للفنان لماذا يرفض القيام بعمل يحكى تاريخ الإسلام، وهو رجل مسلم ولا يعيبه أبدا أن يسلك هذا الطريق؟ فالناس أخذوه كما هو بفنه الجميل رغم تحفظ معظمهم على المشاهد الساخنة التى يؤديها الفنان فى معظم أفلامه ولا يقبلونها منه ولكنهم يلوذون بالصمت حفاظا منهم على مشاعره، وفى الوقت ذاته لا يرتضون منه إلا أن يكون شديد الغيرة على الإسلام، الذى يؤمن به وينتمى إلى أصوله، فضلا عن تقبله الأعمال الدينية التى تسند إليه لإرساء حضارة الإسلام ونشر دعوته الحنيفة فى أقطار الأرض كما فعل أقرانه من الفنانين الكبار الذين ينتهجون هذا النهج الفريد، أمثال المبدع حسن يوسف والفذ نور الشريف، الذى يتمنى بأن يقدم عملا للإمام الحسين، رضوان الله عليه، ثم يعتزل بعدها.

وكلمة أخيرة للفنان، وهو الأكثر شعبية.. إن الناس يحبونك وصعدوا بتأييدك إلى مصاف النجومية وأخذوك بحبهم لك كما أنت، ولم يسألونك عن شىء فيجب عليك أن تأخذهم بحبك لهم كما هم.. وتستجيب لهم فى كل شىء.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة