كشف وائل الجيار المستشار السياسى لوزارة شئون الأسرة والاندماج فى مقاطعة شمال الراين الألمانية، عن اتجاه حكومة المقاطعة لتعميم فكرة تدريس مادة الدين الإسلامى فى مدارس المقاطعة، بالإضافة الى تدريس تعاليم الشريعة الإسلامية فى الجامعات لتوضيح الصورة الحقيقية للدين الإسلامى.
الجيار الذى سبق أن عمل مستشاراً لوزير الداخلية الألمانى فى الحكومة الفيدرالية، هو ألمانى من أصول مصرية، حضر إلى القاهرة لإلقاء محاضرات خاصة بأهداف وزارة الاندماج بالتعاون مع التليفزيون الألمانى "دويتشة فيلة"، وشرح لليوم السابع فى حوار خاص ملامح مشروع تعليم الشريعة الإسلامية فى مدارس وكليات مقاطعة شمال الراين وقال:
يوجد فى المقاطعة مشروعان أساسان للتعامل مع المسلمين المتواجدين بها، الأول هو تدريس الديانة الإسلامية داخل المدارس العامة، وثانياً تعليم الشريعة الإسلامية داخل الجامعات الألمانية، لكن قبل أن أتحدث عن ذلك أود أن أفسر الوضع القانونى فى ألمانيا، أولاً القانون الألمانى ينص على فصل السياسة عن الدين.. وهنا نقول عنها علمانية، رغم أن مفهوم العلمانية فى المانيا مختلف، لأنه يعنى أن السياسة لها مكان والدين له مكان وكل مجال له دور فى المجتمع، وهذا ليس معناه أن ألمانيا تريد محو الدين، ولكن على العكس العلاقة بين الدين والسياسة علاقة مشتركة، فالدستور الألمانى يقول إن الحكومة ليس لها حق التدخل فى أمور دينية وهذا فى النهايه حماية للدين بأنه لا يكون هناك تسييس للدين، ومن الناحية الأخرى يمنع أن يؤثر الدين على اتخاذ القرارات السياسية، والقانون يقول إنه بسبب وجود علاقة مشتركة بين الجانبين فعند تدريس أى ديانة بالمدارس لابد من وجود شروط معينة تتوافر، وهى أولا أن تعرف الدولة مع من تتكلم، بمعنى أنه لابد من توافر ممثل أعلى للجالية الدينية الذى يتم الرجوع له فى أى أمر، مثلما يحدث فى الكنيسة الإنجيلية.
لأنه عند وجود الشخص المسئول، فالدولة لن يكون لها أى تدخل فى مضمون المناهج التى ستدرس فى المدارس، وفى نفس الوقت الكنيسة التى تمثل الجالية المسيحية يجب أن تضمن لى أن مضمون المناهج يكون موالياً للدستور الألمانى ويضمن لى أن بتدريسه سوف يعلم الطلاب كل ما هو جيد.
هل هذه الشروط تنطبق على الجالية المسلمة؟
لا تنطبق، وهذه هى المشكلة التى نواجهها، لأن المنظمات الموجودة فى ألمانيا لم تصل لدرجة أنها تكون ممثلاً أعلى للمسلمين داخل ألمانيا، فنحن نتكلم عن 4.3 مليون مسلم ويوجد لدينا أربعة اتحادات كبرى تمثل مسائل المسلمين، غير منضم إليهم سوى 20% فقط من المسلمين، بما يعنى أن نسبة 80% منهم لا ينضمون إلى أى منظمة، لذلك أنا كدولة لا أستطيع أن أتكلم مع كل واحد فيهم، بالإضافة إلى أن هذه الاتحادات إلى الآن لم تصل إلى مستوى أنها تكون منظمة بشكل قانونى يمكن الاعتراف به .
هذه الاتحادات مختلفة وفقاً لجنسية كل جالية؟
أكبر اتحاد هو تركى ممول من وزارة الأوقاف التركية، فلذلك من الصعب اعتباره اتحاداً ألمانياً، لأنه فى النهاية يمثل دولة خارجية، وهذه مشكلة، لأننى أريد التعامل مع منظمات فى ألمانيا تمثل المسلمين ولا تكون هناك أى تدخلات سياسية من الخارج، والاتحادات الأخرى هى مزيج من المسلمين من ضمنهم مسلمين عرب ومن البوسنة وباكستانيين وألمان وتوجد أيضاً تيارات مختلفة سنة وشيعة وعلويين، بالإضافة إلى مشكلة أخرى وهى عدم وجود أية سجلات لهذه الاتحادات.
لماذا لا تتدخل الدولة لتأسيس اتحاد يضم المسلمين؟
نحن كدولة ممنوعون من تشكيل مثل هذه الاتحادات، لأنها مسئولية الجالية نفسها، بالإضافة إلى أمر آخر، وهو ضرورة أن يكون الاتحاد الإسلامى متخصصاً فى العمل الدينى فقط لا غير، ولا يتعلق بأمور سياسة، والمشكلة الآن أن الاتحادات الموجودة لها أغراض سياسية واقتصادية، فتحولت إلى اتحادات عامة، ومع ذلك قلنا ولكى لا نظلم التلاميذ المسلمين، فكرنا أن نجد حلاً وسطاً إلى الوقت الذى تستطيع هذه الاتحادات الاندماج بشكل قانونى، وهذا الحل الوسط يكمن فى التعامل معها بشكل مؤقت كممثلين للمسلمين، ونحن بدأنا فى هذه الخطة، لأن مسئولية التعليم ليست مركزية، فكل مقاطعة مسئولة عن تعليم التلاميذ الموجودين بمقاطعتهم، فالمقاطعة التى تخصنا بدأت فى إعطاء التلاميذ الأتراك المولدين فى ألمانيا الفرصة لتعلم لغتهم التركية الأم، ووقتها اقترحنا أنه بعد المدرسة نوفر لهم مدرسين أتراك لتقويه لغتهم التركيه بعد المدرسة، وهذا الحال استمر عدة سنوات، وبعدها قلنا إن مدرسين اللغات ليس على علم دينى ولا درسوا دين لتعليم الأطفال الدين باللغة التركية، فأدخلنا مادة داخل بعض المدارس على أنها فترة تجربية نسميها معلومات عن الديانة الإسلامية، طبعاً كانت هناك مشكلة أنه لا يوجد العدد الكافى من المدرسين الذين يستطيعوا القيام بالتدريس ففى ألمانيا يوجد دراسات إسلامية داخل الجامعات ولكنها ليست دراسات فقه أو شريعة، ولكن دراسات اجتماعية وسياسية وتتعامل مع الإسلام كدين أو ظاهرة، وهم ليسوا رجال ونساء دين، ولكن لديهم علم أكاديمى عن الإسلام وفكرنا أن نأخذ هؤلاء الشخصيات كمدرسين لتعليم الطلبة فى المدارس بالألمانى ويعطوهم معلومات عن الديانة الإسلامية.
هل تم تعميم التجربة؟
فى المقاطعة الخاصة بنا دخلت 133 مدرسة فى هذا المشروع ويستفيد منها حوالى 10 آلاف طالب مسلم، ولكن هذا عدد قليل بالنسبه للعدد الكلى، لأنه يوجد 300 ألف داخل المقاطعة وعلى مستوى ألمانيا 700 ألف طالب من أصول مسلمة.
لماذا لم تتم الاستفادة من الأزهر الشريف فى هذا المشروع؟
نحن لا نزال نعمل فى هذا المشروع، وأمامنا سنوات طويلة حتى نصل إلى مرحلة تدريس العقيدة الإسلامية فى المدارس، وإلى الآن هذا لم يحدث، لأن الذى يدرس الآن معلومات عن الإسلام، وهذا لم يمنع فى أننا نستفيد من علاقات ألمانيا ببعض الدول، ومنها مصر، خاصة الأزهر الشريف للاستفادة منهم، لكن لم نصل بعد إلى مرحلة الاتفاق الكامل.
أنت تتولى مسئولية استشارية لوزارة الاندماج.. ما هى مهمة هذه الوزارة؟
الوزارة موجودة فى الولاية منذ عام 2005 بعد الانتخابات التى جرت فى مقاطعة شمال الراين وفاز بها الحزب المسيحى الديمقراطى الاتحادى، وهى أول وزاره تحمل اسم الاندماج فى العنوان، فالمسمى الأصلى للوزارة هو وزارة شئون الأجيال والأسرة والمرأة والاندماج لمقاطعه شمال الرايل.
وفكرة الوزارة بدأت بعد هجره الأجانب لألمانيا، خاصة بعد عام 1955 عندما تم التوقيع على أول اتفاقيه عمل بين ألمانيا وإيطاليا، وخلال تلك الفترة لم يكن هناك وجود لفكرة الاندماج التى ظهرت عندما توافد العمال الى ألمانيا خاصة الأتراك ممن أتوا إلى ألمانيا ووصل عددهم إلى سبعمائة ألف تركى أتوا إلى ألمانيا وبدأوا يأتوا بزوجاتهم وأطفالهم، ودائماً كان الراجل يأت ويعمل وأيضاً كان يوجد نساء تأتين للعمل، ثم بدأ الجيل الأول فى تكوين الجيل الثانى والثالث، والآن نحن نعد فى الجيل الرابع من المهاجرين لألمانيا وخلال تلك الفترة ظهرت مشاكل اجتماعية ووجدنا خلل فى الأجيال الجديدة الناشئة، خاصة عند الأتراك فقد وجدنا أن نسبة كبيرة منهم تتصرف بنفس تصرفات الأهل، ولا يرون فى ألمانيا بلدهم، فهم ليس لديهم قابلية للاندماج.
البعض يقول إن عدم القابلية للاندماج كانت قاصرة على الجالية التركية فقط؟
طبعاً التركيز كان على الأتراك، لأن القادمين من جنوب أوروبا سواء من إيطاليا أو اليونان لن تستطيع التفرقة بينهم وبين الألمان فى الشكل، لكن الوجه التركى مختلف عن الألمانى، ومن هنا ظهرت المشاكل خاصة فى اللغة، فالأتراك رغم تعدد أجيالهم فى ألمانيا، إلا أن مازالت لديهم صعوبات فى تعليم وإتقان اللغة الألمانية.
وماذا عن الجزء المتعلق بالجانب العربى والمصرى؟
الجانب المصرى يختلف والأعداد تختلف أيضا، لأننا نتكلم عن 3 ملايين تركى يعيشون فى ألمانيا، وعند النظر للأعداد المصرية الموجودة هناك فنتكلم عن 40 ألفاً، فهذه نسبة قليلة جداً ويوجد فرق شاسع بين الأتراك وبين المصريين، لأن المصريين الذين قدموا إلى ألمانيا فى الستينات معظمهم للدراسة أو للعمل فى ألمانيا، أما الفئات التركية معظمها قادمين من الريف من الأناضول ولم يكونوا متعلمين ولا معهم شهادات عليا، وهذا هو الفرق الشاسع بين المصريين والأتراك، ولهذا نستطيع القول إن الشاب أو الشابة المصرية قادمين من بيت متعلم.
هل فى الفترة الماضية الحجاب مثل مشكلة فى تطبيق سياسة الاندماج؟
لا.. أبدا بالعكس فى ألمانيا توجد حرية اختيار الدين، وهى حرية مضمونة دستورياً، بمعنى أن لو سيدة تريد ارتداء الحجاب ترتديه ويمكنها دخول الجامعة به ولا يوجد أى مانع، على عكس تركيا مثلاً، فالشابات المحجبات ممنوعات من دخول الحرم الجامعى وألمانيا العكس تماماً تقول إن كل شخص حر فى دينه.
هل هذا يعنى أن اختلاف الدين لم يكن عقبة أمام سياسة الاندماج فى ألمانيا؟
لا إطلاقاً وعمرها ما كانت مشكلة والمشاكل الموجودة حالياً مشاكل اجتماعية واقتصادية بحتة وليس لها أى ارتباط باللانتماء الدينى.
هل حادث مروة الشربينى أثر على رؤية المجتمع الألمانى للجالية المسلمة الموجودة هناك؟
لا.. لأن حادث مروة ليس له أى علاقة بالإسلام ولا بانتمائها الدينى، ولا لأنها محجبة، نعم الحادثة بشعة وأقهرت ليس فقط الشعب الألمانى ولكن أيضا الحكومة الألمانية، فالشخص الذى اعتدى عليها شخص روسى من أصول ألمانية والذى حدث بينه وبين مروة عبارة عن مشاحنة حصلت نتيجة لعب طفلها وأطفال أخت الجانى فحدثت المشكلة، ولم يكن أساسها لأنها مسلمة أو لارتدائها الحجاب، ولابد أن نفصل بين المشاكل الدينية والمشاكل الاجتماعية، فمن الممكن أن تحدث فى أى مكان، فهو حادث اجتماعى والخلل الذى حدث هو خلل أمنى داخل المحكمة .
ما موقف التيارات اليمنية المتشددة من سياسة الاندماج.. خاصة تجاه الجالية المسلمة؟
التيارات السياسية اليمنية المتطرفة تسيئ لسمعة وشكل الأجانب فى ألمانيا، وتدعى أنها تريد الاحتفاظ بالمجتمع الألمانى القديم، إنما هم لا يعرفون أن يفسروا معنى المجتمع الألمانى القديم، أحياناً تجد أن التيارات اليمنية ليس لها برامج سياسية ولا يستطيعون تقديم أى شىء للمجتمع الألمانى، لذلك النسب التى يصلون لها فى الانتخابات تكون قليله جداً، فنستطيع أن نقول أن التيار اليمينى فى ألمانيا تيار هامشى ليس سائداً.
المقاطعة تعطى نماذج مشجعة للاندماج ليست موجودة فى المقاطعات الأخرى، هل جرت محاولات لتصدير تجربة المقاطعة للمقاطعات الأخرى؟
فكرة سياسة الاندماج موجودة على المستوى الفيدرالى، والمقاطعات المجاورة بدأت تخلق وزارات يوجد فى عنوانها الاندماج، وأعتقد أن ألمانيا على عكس الدول الأوروبية تسعى للاندماج مع المسلمين.
لاحظت فى حديثك أنك تتكلم عن ألمانيا باعتبارك جزءًا منها.. رغم أصولك المصرية؟
والدى ووالدتى مصريان وهاجرا إلى ألمانيا للدراسة والعمل فى الستينات، وأنا ولدت هناك عام 1974 فى برلين الغربية وتربيت فى بيت مصرى والفضل لهما، فهما علمانى التحدث باللغة العربية باللهجة المصرية.
هل سياسة الاندماج تنطبق عليك؟
لا أنا لست مندمجاً ولن اندمج ولا أريد أساساً الاندماج، لأننى جزء من المجتمع الألمانى على أساس أنى ولدت ونشأت هناك.
ما هو تقيمك لوضع الجالية المصرية فى ألمانيا؟
أستطيع أن أتكلم، إلا عن الجالية الموجودة فى برلين التى عشت معها لسنوات، وهى جالية مثالية فى كل شىء وكنت دائماً فخوراً بالتعامل معها باعتبارى جزءاً منها.
المستشار السياسى لأول وزارة لشئون الاندماج فى ألمانيا..
الجيار: برلين تبدأ فى تدريس الدين الإسلامى بالمدارس والجامعات
الأربعاء، 02 يونيو 2010 05:53 م
وائل الجيار المستشار السياسى لوزارة شئون الأسرة والاندماج
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة