لماذا رفض رجال الأعمال استثمار أموالهم فى عهد عاطف عبيد؟

الجمعة، 18 يونيو 2010 01:34 ص
لماذا رفض رجال الأعمال استثمار أموالهم فى عهد عاطف عبيد؟
سعيد الشحات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ ساويرس لم يكن مقتنعا به لرئاسة الوزراء.. وبهجت اعتبر فترته الأسوأ وورط النشرتى فى شراء «سينسبرى»
◄◄ استغل ثغرة فى القانون لتعيين نواب برلمان فى الشركات
◄◄ الحريرى يتهم «المصرف العربى» بعدم الشفافية.. وبكرى قدم بلاغا ضد رئيس الوزراء السابق


لن نجد صعوبة تذكر فى رصد الذين يرون أن فترة رئاسة الدكتور عاطف عبيد للحكومة هى الأسوأ بامتياز فى سنوات مصر الأخيرة، سنجد ذلك من رجال الأعمال إلى المواطن البسيط، ومن السياسيين إلى الاقتصاديين، ومن الحكوميين إلى المعارضين، وبالرغم من أن الكل يرصد سوء الحال من وجهة نظره الخاصة، فإن وضعها جميعا فى صورة واحدة، ستعطينا نموذجا قاطع الدلالة عن كيف تضرر الجميع من السياسات التى اتبعها عاطف عبيد.

من رجال الأعمال نجد نجيب ساويرس يعترف بأنه لم يستثمر أى مليم فى عهد عبيد، وقال إنه لم يكن مقتنعا بالرجل رئيسا للوزراء بسبب كثرة وعوده التى لم تتحقق، أما رجل الأعمال أحمد بهجت فقال إن فترة عبيد هى أسوأ الفترات التى مرت على الاقتصاد المصرى، ومعها بدأت ظاهرة هروب رجال الأعمال، وقال بهجت إن رجال الأعمال الهاربين إلى الخارج ضحايا لتعنت بعض المسؤولين واتخاذ إجراءات ضدهم، وضرب مثلا على ذلك برجل الأعمال رامى لكح، وعمرو النشرتى وأشرف السعد الذين ليست عليهم مديونية، وإذا كان هناك من سيقول إن كلام بهجت فيه مجاملة للنشرتى ولكح والسعد على حساب عاطف عبيد، وإن قضية التعثر المسؤول عنها هم رجال الأعمال المتعثرون أنفسهم، فإن الدكتور محيى الدين الغريب وزير المالية فى عهد الدكتور كمال الجنزورى، يرى أن القرارات الاقتصادية التى اتخذت فى عهد عاطف عبيد هى المسؤولة، وأنها أثرت سلبيا على الكثيرين من رجال الأعمال، ولم يتمكنوا من سداد مديونياتهم وظلت مشاريعهم قائمة دون جدوى، ويضيف الغريب: إنه للحق هناك كثير من المقترضين طالبوا البنوك بجدولة ديونهم وتسويتها لمدد أطول، ولكن موظفى البنوك لم يكونوا مؤهلين. ويضيف الغريب: قرار سعر الصرف الذى اتخذه عبيد ورفع به سعر الدولار من 342 قرشا إلى 5 جنيهات ثم قفز السعر إلى ما يقرب من سبعة جنيهات، أدى إلى أن المقترض من البنوك كان عليه أن يدبر الفارق حتى يستطيع الحصول عليه لسداد البنوك.

فى قصة عمرو النشرتى تفاصيل كثيرة، تعكس كلام أحمد بهجت، منها مثلا اللجوء إلى عاطف عبيد لكنه لم يفعل شيئا، وشعر بذلك أن هناك تقاعسا ضده، وأن عبيد طلب منه شراء حصة «سنسبرى» حتى لا تخرج من مصر وبالتالى يتم تشريد 4500 عامل، فقال له النشرتى إنه لا يملك أموالا كافية للشراء، فقال له عبيد إن البنوك سوف تمنحه التمويل اللازم وتيسير كل الإجراءات، واشترى النشرتى على أمل تنفيذ وعد عبيد، لكنه فوجئ بأن البنوك قررت حظر التعامل معه، ولما حاول التحدث مع الدكتور عبيد لتنفيذ وعده، فوجئ بأنه لم يرد عليه.

بالرغم من أن عاطف عبيد هو رجل الخصخصة الأول فى مصر، كما أنه الرجل الذى بشر بجنة الاقتصاد الحر، وأن رجال الأعمال الذين هم من المفروض الوقود الحقيقى لما ينادى به، فإننا نكتشف من قصة النشرتى ما يشير إلى أن نظرة عبيد وحكومته إلى رجال الأعمال لم تكن مبنية على ثقة كاملة فيهم، ويذكر النشرتى موقفا دالا على ذلك، وحدث مع الدكتور حسن خضر، وزير التموين فى حكومة عاطف عبيد، وكان ذلك فى بداية تولى خضر مهام منصبه خلفا للدكتور أحمد جويلى، يقول النشرتى إنه فوجئ بخضر يتصل به ليطلب منه تخفيض سعر كرتونة رمضان خمسة جنيهات، ويضيف النشرتى: كان خضر يعلم أننا نطرح 150 ألف كرتونة، وقلت له إن 5 جنيهات كثيرة، ومع ذلك لم أرفض الطلب وكنت قد قررت فى نفس اللحظة أن أدفع الفرق من أموالى الخاصة على أن تكون دعاية للشركة، وبالمصادفة كان هناك صديق لى يجلس مع الدكتور حسن خضر أثناء المكالمة، وأخبرنى بأن وزير التموين قال بالحرف الواحد بعدما أنهى المكالمة: «يعنى الحرامى ده بيكسب كام عشان ينزل 5 جنيهات فى الكرتونة يعنى مليون وربع فى ثوانى».

ملف التعثر الذى أخذنا منه نموذجا واحدا هو عمرو النشرتى، كبد الاقتصاد المصرى خسائر فادحة مازلنا ندفع ثمنها حتى الآن، خسائر ناتجة عن التخبط فى الأداء الذى توغل فى مسارات كثيرة، جعلت النائب مصطفى بكرى يتقدم ببلاغ إلى النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود ضد عاطف عبيد ووزير السياحة الأسبق فؤاد سلطان، يوم السبت 5 ديسمبر من العام الماضى، يتهمهما فيه بالإضرار العمدى بالمال العام، وتسهيل الاستيلاء على ما يقدر بـ327 مليون جنيه بسبب بيعهم 1650 ألف متر مربع فى سيناء إلى وجيه سياج دون مراعاة للأبعاد القومية، والقيام بسحبها دون إخطار بقرار السحب، مع بيعها بمبالغ متدنية، دون تقدير للمنطقة الإستراتيجية، فضلا عن رفض تنفيذ الأحكام القضائية، لإعادة الأرض إلى سياج وهو ما دفعه إلى التحكيم الدولى وحكم له بـ700 مليون دولار انتهت باتفاق مع الحكومة بتسوية 60 مليون دولار.

من ملف التعثر إلى ملف سياج إلى ملف المصرف العربى الدولى الذى يترأسه عبيد منذ أن خرج من رئاسة الوزراء يتواصل الكلام، وملف المصرف سبق للنائب البرلمانى السابق أبو العز الحريرى أن أثاره أكثر من مرة من زوايا مختلفة، وقبل التطرق لما قاله أبوالعز، نتوقف عند ما ذكره الباحث الاقتصادى المرموق الدكتور عبدالخالق فاروق عن شغل أعضاء البرلمان للوظائف الحكومية أثناء عضويتهم للبرلمان. يقول عبدالخالق إن القرار الجمهورى رقم 109 لعام 1976 نص على أنه لا يجوز أن يعين عضو مجلس الشعب فى وظائف حكومية أو القطاع العام وما فى حكمها أو الشركات الأجنبية أثناء مدة عضويته، ويبطل أى تعيين على خلاف ذلك، ويضيف فاروق أن الرئيس السادات زاد سطرا واحدا: «إلا إذا كان التعيين نتيجة ترقية أونقل من جهة إلى أخرى أو كان بحكم قضاء أو بناء على قانون»، ويضيف فاروق أن عاطف عبيد استخدم هذه الرخصة الواردة من سنة 1976 فى تعيين عدد كبير جدا من أعضاء مجلس الشعب كأعضاء مجلس إدارة أو منتدبين فى عشرات الشركات، ومن كل مجلس إدارة شركة يأخذ مبلغا وقدره، وبالتالى يستفيد منه كعضو فى مصالح أخرى.

استغل عاطف عبيد- كما يقول عبدالخالق فاروق- الرخصة الموجودة فى القرار، وتوسع فى تعيين عدد كبير من أعضاء مجلس الشعب فى الشركات بعد أن دانت له بحكم توليه وزير قطاع الأعمال العام، بعد صدور قانون شركات قطاع الأعمال الصادر عام 1991، ولم يكن التعيين لأنهم كفاءات لا يمكن الاستغناء عنهم، وإنما لضمان التأييد له فى المجلس، ودارت الأيام ليتم تعيين عبيد رئيسا للمصرف العربى الدولى فى نفس الوقت الذى يشغل فيه عضوية مجلس الشورى، وفى عموم هذه القضية، جاءت عاصفة أبوالعز الحريرى حول هذا المصرف أكثر من مرة، من بينها أثناء عضويته فى البرلمان عام 2005، وعلى صفحات «اليوم السابع» فى مايو عام 2009، وجاءت حقائق مذهلة منها أن المصرف لا يخضع إلى أى رقابة أو قضاء وطنيين، وتساءل عن حجم أعماله والرسوم التى أعفى منها والضرائب التى لم تحصّل منه، وهل تؤخذ لعبة مشاركة الشخصيات الطبيعيين أو المعنويين كمدخل للسرية فيه وإعفاءاته وغسيل الأموال، ويقول إن العاملين فى المصرف يتمتعون بحصانة دبلوماسية حيث لا تسرى على إدارته القوانين والقرارات المنظمة لشؤون العمل الفردى، ويتمتع رئيس وأعضاء مجلس إدارة المصرف وجميع موظفيه بحصانة قانونية فيما يتعلق بالأعمال القانونية التى يقومون بها بصفتهم الرسمية، ويحق للمساهمين والمودعين تحويل جميع حقوقهم بدون اشتراطات بذات العملة التى أودعوا بها، وقال أبوالعز إن المصرف لم يكن له دور فى المشروعات القومية الكبرى.

على الجانب الآخر فإن القضية التى عالجتها الحكومة على طريقتها الخاصة التى تؤول من خلالها القانون طبقا لهواها الخاص، وهو تعيينه رئيسا للمصرف رغم أنه عضو فى مجلس الشورى بالتعيين، مما يعد ذلك مخالفة قانونية، صحيح أن الحزب الوطنى نفى أن يكون ذلك اختراقا للقانون كما ذهب فى رده على طلبات الإحاطة التى تقدم بها نواب فى مجلس الشعب، مثل الدكتور جمال زهران، لكن القضية مازالت معلقة بحكم أن هناك تفسيرات أخرى ترفض ما ذهبت إليه الحكومة.

لمعلوماتك...
1999 تولى عبيد رئاسة الوزراء وترك الوزارة عام 2004







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة