سلط معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى الضوء على انتخابات مجلس الشورى التى شهدتها مصر مطلع الشهر الجارى، وقال المعهد فى التقرير الذى أعده كل من سكوت كاربنتر ودينا جرجس عن هذه الانتخابات جاءت وسط اهتمام دبلوماسى وإعلامى بالهجوم الإسرائيلى على قافلة أسطول الحرية التى كانت تحمل مساعدات إنسانية لقطاع غزة، وقد تم تجاهلها إلى حد كبير على الرغم مما شابها من تدنى نسبة المشاركة والتزوير والعنف، ووصف المعهد البحثى اليمنى هذه المؤشرات تبعث على القلق لكل من المجتمع الدولى، ولإدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما بشأن توقعاتهم الخاصة بانتخابات مجلس الشعب الأكثر أهمية والتى من مقرر إجراؤها فى نوفمبر القادم.
ورأى التقرير، أن انتخابات مجلس الشورى كانت مهمة، نظراً لأنها أول انتخابات جادة تعقد قبل الانتخابات الرئاسية المقررة العام المقبل، ورغم أن مجلس الشورى هيئة استشارية بحتة على الإطلاق وليس لها أى صلاحيات، إلا أن الانتخابات الخاصة به يمكن أن تشير بدرجة كبيرة إلى مخاطر التزوير أو ما هو أسوأ من ذلك خلال انتخابات مجلس الشعب القادمة، وعلى الرغم من السلطة المحدودة للمجلس التشريعى، فإن المخاطر السياسية للحزب الحاكم ستكون كبيرة.
فالتعديلات الدستورية الأخيرة وضعت العديد من العراقيل أمام المرشحين لانتخابات الرئاسة عام 2011 (وحده جمال مبارك يستطيع أن يترشح لهذا المنصب)، غير أن هناك ثغرات يمكن أن توفر سبل نظرية للمرشحين للتأهل عبر البرلمان، وهذا الاحتمال، إلى جانب تراجع صحة الرئيس مبارك وتنامى إحساس النظام بأن الشعب يرفض التوريث، سيغرى الحزب الحاكم على الأرجح بالعودة إلى التزوير خلال الانتخابات البرلمانية كوسيلة لسد هذه الثغرات، ولعل التصريحات التى جاءت على لسان د.مصطفى الفقى، رئيس لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشعب عن ضرورة التلاعب فى عملية التصويت فى ظل ظروف معينة، تؤكد على هذا التحليل.
ويمضى الكاتبان فى القول إن أكثر ما يثير القلق فى عملية الانتخابات هو احتمالات العنف، وذكرا بأحداث العنف التى شهدتها الجولتين الثانية والثالثة فى انتخابات مجلس الشعب عام 2005 بعد أن حققت المعارضة، خاصة جماعة الإخوان المسلمين مكاسب كثيرة فى الجولة الأولى، وحذر كاربنتر وجرجس من أن ذكريات انتخابات 2005، والتزوير والعنف فى انتخابات مجلس الشورى ربما ينبأن باحتمال تكرار أزمة الانتخابات الرئاسية الإيرانية فى مصر، ولمنع حدوث ذلك، يتعبن على الولايات المتحدة اتخاذ عدد من الخطوات الحاسمة من الآن وحتى نوفمبر القادم.
أول هذه الخطوات أنه يجب على واشنطن أن توضح للحكومة المصرية والمجتمع الدولى أنها تهتم بالانتخابات، وأن التصويت البرلمانى والرئاسى من شأنه أن يؤثر على تطوير العلاقات المصرية والأمريكية، كما ينبغى على إدارة أوباما أن تؤكد على القيمة التى توليها لما ترصده المنظمات المصرية للعملية الانتخابية، وهذا الأمر له أهمية خاصة، نظراً لعدم الإشراف القضائى على الانتخابات، ويجب أن تعدم الولايات المتحدة بقوة مطالب المجتمع المدنى فى مصر باعتماد الحكومة للمراقبين الدوليين للانتخابات، كما يجب على الولايات المتحدة أن تعمل مع اتحاد الأوروبى لتنسيق رسالتها وبرامجها وفقاً لهذه الخطوط.
وبالإضافة إلى ذلك، يجب أن تقوم الآليات الأمريكية مثل مبادرة الشراكة الشرق الأوسطية بتطوير برامج قوية موجهة لتمويل المجتمع المدنى خلال الفترة القادمة.
وخلص التقرير فى النهاية إلى القول، أن جوزيف بايدن، نائب الرئيس الأمريكى، حينما زار مصر مؤخراً أشاد بدورها فى العديد من التحديات الإقليمية، معرباً عن أمله فى التزامها بتوصيات مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان التى صدرت فى مطلع هذا العام، والخاصة بإلغاء قانون الطوارئ وإطلاق سراح المعتقلين وحماية الحريات المدنية، إلا أن الحكومة رغم ذلك، جددت قانون الطوارئ ورفض إطلاق سراح المعتقلين.
وعلى الرغم من هذه الخطوات غير المشجعة، إلا أن إدارة أوباما على حق فى إصرارها على أن ترقى مصر إلى مستوى الالتزامات الخاصة بها، ويجب على واشنطن استغلال فرص الانتخابات البرلمانية المقبلة لتعزيز هذه الرسالة، فاستقرار مصر فى المستقبل، وبالتالى أهميتها كشريك استراتيجى أمريكى، يعتمد على الشرعية المفترضة لهذه العملية.
معهد واشنطن يتنبأ بتكرار أزمة انتخابات الرئاسة الإيرانية بمصر
الخميس، 17 يونيو 2010 05:30 م