لا ننكر الدور الذى تقوم به وزارة الداخلية للترويج للدورات التدريبية فى مجال حقوق الإنسان للضباط العاملين فى أقسام ومراكز الشرطة لدعم هذه الثقافة لديهم وتطوير مهاراتهم فى تناول قضايا حقوق الإنسان وتزويدهم بكافة الوثائق الدولية والقانونية المعمول بها على الصعيدين المحلى والدولى.
ولا ننكر أيضا التحسن الملموس والملاحظ الذى طرأ على عدد كبير من السجون المصرية فى هذا الإطار بعد عقد العديد من الندوات والدورات.
لكن فيما يبدو أن هناك أفرادا فى هذا الجهاز الأمنى المهم يتعمد إضاعة مجهودات وزارة الداخلية لنشر ثقافة حقوق الإنسان والتى هدفها الأول صون الحريات الأساسية لأفراد المجتمع بكافة شرائحهم الاجتماعية ومستوياتهم الاقتصادية من خلال تفعيل النصوص القانونية التى حددت لأجهزة الأمن نطاق اختصاصها، ورسمت بدقة الدور المنوط بها على نحو يتجاوب مع آمال المواطنين وطموحاتهم.
هناك فئة فى جهاز الشرطة لم يتناه إلى سمعها ما تقوم به الوزارة، ويشدد عليه اللواء حبيب العادلى وزير الداخلية لترسيخ مفاهيم ومبادئ حقوق الإنسان وصون كرامته وحرياته الأساسية فى كافة مراحل وإجراءات العمل الأمنى، خاصة عند تعامل المواطن مع الأجهزة الشرطية لتوثيق العلاقة بين الشرطة والجمهور، ودعماً لجهود المشاركة الشعبية فى مكافحة الجريمة والوقاية منها.
هذه الفئة هى فئة المخبرين وبعض الضباط للأسف الذين يستغلون مناصبهم للتنكيل بالناس والاعتداء على حقوقهم الأساسية وامتهان كرامتهم لمجرد انتسابه إلى سلطة جهاز من المفترض أن تتميز العلاقة بينه وبين أفراد المجتمع بالثقة المتبادلة تطبيقا لمفهوم الشرطة المجتمعية التى سبقتنا إليه أجهزة شرطة كثيرة فى العالم العربى.
تعميم ونشر ثقافة حقوق الإنسان لدى كافة العاملين بجهاز الشرطة هو أهم التحديات التى تواجه الآن وزارة الداخلية بداية من القاعدة التى تمثلها فئة المخبرين وضباط الصف وصغار الصباط، لأن هؤلاء هم أمس الناس فى جهاز الشرطة إلى دورات تدريبية وعملية حقيقية فى مجال حقوق الإنسان واحترامه والحفاظ على كرامته.
حادثة الإسكندرية التى أسفرت عن مقتل الشاب خالد سعيد كشفت أن هناك خللا كبيرا فى ذهنية بعض أفراد الشرطة للتعامل مع الناس وهو الأمر الذى يزيد من هوة فقدان الثقة بين الشرطة والشعب، وبالتالى يضيع معها الهدف الرئيسى والوظيفة الأساسية لدور الشرطة فى المجتمع، بالتالى فإن دورات وزارة الداخلية فى حقوق الإنسان لاتصل إلى هؤلاء وهم الأولى بها وليس كبار القادة فقط حتى تأتى تلك الدورات بثمار عملية يشعر بها الفرد العادى فى المجتمع، فالمخبرون والمندوبون هم الأكثر احتكاكا بالشارع وبشكل يومى وحتى نستعيد شعار "الشرطة فى خدمة الشعب" وفى خدمة القانون أيضا وليست فوق القانون.
ليس من مصلحة أحد إطلاقا أن يكون هناك صدام أو تقاطع مع جهاز الشرطة منوط به حماية الأمن الداخلى، وفى مقدمته حماية حقوق الإنسان وحرياته وكرامته، لكن لا يمكن أيضا الصمت عن أخطاء يجب التصدى لها والاعتراف بها ومحاسبة مرتكبيها حتى تستقيم العلاقة بين "الشعب والشرطة" وأن الجميع فى خدمة القانون.
إذن فحقوق الإنسان ثقافة لابد أن تعمم بين جميع أفراد الشرطة وليس بين كبار القادة فقط.
عادل السنهورى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة