تستهوينى الأفلام القديمة .. أحب مشاهدتها وأتابعها بشغف بالغ حتى لو كنت أحفظها صما ..ففيها أجد ما اندثر وتلاشى عن عالمنا الذى نحياه الآن فهى تسجيل أمين لما كان وتوارى ..ولو نظرت فيما تراه ستجد فريق عمل فنى بفنانين كبار حتى فى أصغر الأدوار تراهم يبدعون فتشعر أنهم لا يمثلون بل يقدمون الدور من القلب والعقل كرسالة سامية غير عابئين بالأجر ولا بترتيب الأسماء على الأفيش!
وبأبسط الإمكانيات يقدمون فنا راقيا جميلا بلغة سهلة ممتعه حتى لو كان المشهد فيه اغتصاب أو إغراء أو إغواء أو حتى وضع حميمى ستجد اشاره تدل على ماجرى دون اللجوء لحوار ردئ أو عرى فاضح بحجة الواقعية ! ودوما سنجد أن القصص والسيناريو والحوار فى الكثير من الأفلام لكتابنا الأفذاذ كنجيب محفوظ ويوسف إدريس والسباعى وإحسان والشرقاوى ..الخ .. حتى الراويات العالمية كانت تتمصر بفعل عباقرة كما فى نهر الحب المأخوذ عن انـّا كارينييا لتولستوى ومصره عز الدين ذو الفقار ومثله الفنان الذى لم يتكرر زكى رستم مع سيدة الشاشة فاتن حمامة وعمر الشريف ..أقول .. الصورة تعطيك انطباعا بأن الحياة كانت ارقى حتى لو فى الشر !!.. الشوارع نظيفه .. السيارات تسير دون ضجة فليس هناك زحام ولو وجد ففيه اصول وقواعد تحترم ... ملابس الناس انيقة على بساطتها .. المحكمة وقاعتها النظيفة وجلوس الناس فيها دون ازدحام وفوضى ودفاع المحامى وبراعته فى القانون واللغة العربية الفصحى ..حتى الشرطة كانت تعتمد على ذكاء الضباط لا عن قوه السلاح والمخبرين فى القبض على المشتبه به أو المجرم مهما كان إجرامه متوغلا فى نفسه ليقدم إلى العدالة حيا !..ولو تأملت النيل فى أى من تلك الأفلام ستجده هو الآخر له شكل ومعنى يوحى بأن هناك من يعتنى به ويحافظ عليه حتى لو كان البطل يأكل حبات من الترمس مع البطله فلا تنتظر أن يلقوا بالقشر فى الأرض أو فيه .. ولن تجد على ضفافه حيوانات نافقة كما نرى الآن ونمر عليها مرور الكرام !!... لو استعرض المخرج مثلا لمدلول درامى فى الفيلم الأراضى الزراعية فى قرى الفلاحين لن تجد أدخنة تتصاعد فتكتم الأنفاس وتنطلق فى الجو صانعه بجد واجتهاد السحابه السوداء التى تفشل وزاره البيئة فى ردع المخالفين بل تردع بالتصريحات النارية المتسائلين عن أسبابها ! ..ولأن تلك الحياه اندثرت الآن فأتركونى ولا تسخروا منى أبحث عن فيلم قديم!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة