عمرو محمد يكتب: المسلمون وأسطول الحرية.. مكاسب وواجبات

الإثنين، 14 يونيو 2010 11:37 م
عمرو محمد يكتب: المسلمون وأسطول الحرية.. مكاسب وواجبات

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا أحد يختلف على أن ما فعلته الصهيونية بأسطول الحرية، وفى غزة، جريمة فى حق الإنسانية، فقد كشف هذا الأسطول عورة السياسة الإسرائيلية ومن ورائها أمريكا تجاه العرب جميعا، لذا فقد حان الوقت لأن نقول وداعا لسياسة "الطبطبة" التى تنتهجها الدول العربية، والسؤال الذى يطرح نفسه ماذا جنى المسلمون من مكاسب جراء من وراء هذا الأسطول، وماذا عليهم أن يفعلوا؟

أول هذه المكاسب أن العالم كله - على الرغم من اختلاف أفكاره وأيديولوجياته - قد أجمع على أن هناك احتلالا وظلما وحصارا واقعا على دولة بأكملها، فقد حوى الأسطول جميع الأيديولوجيات العلمانية والاشتراكية والإسلامية وشدوا الرحال إلى غزة ليعلنوا أن الإنسانية قد اغتيلت، ومن ثم كان الاتفاق على رفع الحصار.

ثانيا أحدث تحرك هذا الأسطول توترا فى العلاقات الدبلوماسية الإسرائيلية الأوروبية، فقد أدانت ألمانيا - لأول مرة تخرج عن صمتها – الاعتداءات الهمجية، فضلا عن فرنسا وبريطانيا والنمسا الدانمارك، والمنظمات الأوروبية، والاتحاد الأوروبى، ومجلس الأمن، فيما تعهدت الخارجية الأمريكية بالتحقيق فى مقتل أحد مواطنيها الذى كان على متن السفينة.

أعلم أن ستقول لى إن هذا كله تحت إطار سياسة تغميض العين، أقول لك كفى بهذه السفينة أن جعلت الشعوب الأوروبية ضد حكوماتها، وهى الأكثر ديمقراطيا من حكومات العالم العربى، وهو ما يؤدى إلى نتائج إيجابية، ومنها على سبيل المثال أن مسئولين فى الإدارة الأمريكية رفيعى المستوى أعلنوا أن على أمريكا أن تغير من نهجها تجاه إسرائيل- وفقا لما أعلنت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية - وجعلتها، أى الشعوب الأوروبية تقف فى صف المسلمين من ناحية، وضد السياسات الأمريكية والصهيونية وخداعهما لشعوبهما وشعوب العالم كله، من ناحية أخرى.

ثالثا شهدت العلاقات الصهيونية التركية توترا لم تشهده البلدان منذ بداية العلاقات بينهما، حيث قامت تركيا بسحب سفيرها من تل أبيب، وبدأ أردوجان يدافع عن حماس فقد أعلن أن الحماس لها الحق فى الدفاع عن أراضيها، وأنها ليست منظمة إرهابية، فقد جاءت بإرادة شعبها، كما أعلن أنه يعتزم أنه سيكون على رأس سفن مساعدات لغزة محملة بقطع الحربية حماية لها، وإن كان هذا لن يحدث، ولكن كفى بهذا أسلوبا جديدا للغة التهديد لإسرائيل حينما ترسل أى مساعدات من تركيا أو من أجهة أخرى لغزة.

ومن المكاسب أيضا أن خسرت الدولة اليهودية العلاقات مع جنوب إفريقيا، حيث سحبت الأخيرة سفيرها من تل أبيب، فضلا عن أن دولة نيكاجرو قطعت علاقاتها معها أيضا، وأعلنت إيران أنها على استعداد أن ترسل قوات تحافظ على المساعدات عند دخولها لغزة.

ثالثا أدى هذا الضغط الدبلوماسى والجماهيرى إلى إعلان بريطانيا وإسرائيل التفكير فى إستراتيجية جديدة لدخول المساعدات لغزة، صحيفة نيويورك تايمز، وهو ما أدى بالفعل إلى عدم استطاعة إسرائيل التعرض لأفراد طاقم السفينة الأيرلندية "راشيل كورى" التى ذهبت لغزة بعد أيام من أسطول الحرية، فقد أعرب نتانياهو عن ارتياحه - من خلال تصريحات صحفية – لعدم تعرض من على السفينة الأيرلندية للقتل، وهو ما يعنى أن الضغوط العالمية بكافة أشكالها قد أتت بثمارها.

كما عمت أرجاء العالم كله مظاهرات - علمانية، اشتراكية، رأس مالية - فقد شارك فيها كافة الفئات العمرية، ودبلوماسيون ونشطاء سياسيون، كما شهد العالم الإسلامى كله مظاهرات للتنديد بالسياسات الصهيونية ورفع الحصار عن الشعب الفلسطينى.

فهذه المظاهرات أصلحت إلى حد ما حالة الإحباط المتغلغلة فى شعوب الدول الإسلامية، فهذه المظاهرات قد أدت رسالتين أولهما إلى إسرائيل، حيث أثبتت لها أن الشعوب الإسلامية ما زالت حية، وأن ما يعتريها ما هو إلا جملة اعتراضية ما تلبث إلا أن يستأنف الكلام بعدها، ويستطيع المسلمون أن يستعيدوا مجدهم تارة أخرى، أما الرسالة الثانية فهى رسالة إلى كل المحبطين - سواء أكانوا صغارا أم كبارا - العالم الإسلامى، أنه الأمل مازال موجودا رغم كل ما يعصف بالبلاد الإسلامية من مصائب.

كما أوجدت المظاهرات حالة من التوحد شعبى لكافة الدول العربية على قضية واحدة، فلا فرق اختلاف بين مسلم ومسيحى، بل على العكس فهذه المظاهرات أوجدت حلا لوأد الفتنة الطائفية فى مصر مثلا، فضلا عن أنه قد التحمت الطوائف السياسية مع بعضها البعض، فقد اشترك الناصريون مع حزب التجمع والإخوان للتنديد بالجريمة الصهيونية.

وهذا كله ولد مكسبا آخر وهو أنه بطبيعة الحال أن وسائل الإعلام نقلت الغضب الجماهيرى والمظاهرات، وهو ما يمثل فرصة لنشر القضية الفلسطينية، وما المطلوب من الشعوب تجاه فلسطين وهذا من ناحية.

ومن ناحية أخرى أثمر هذا الشحن الإعلامى إلى تحرك فعلى على أرض الواقع، حيث قام نواب البرلمان المصرى، بكافة انتماءاتهم السياسية، بإرسال المعونات إلى الشعب الفلسطينى، وإعلان نقابة الأطباء أنها سترسل معونات بـ 7 ملايين جنيه للقطاع. وتوالت بعدها القوافل، فقد أعلنت اللجنة الشعبية عن تنظيم قافلة لغزة، وتضم هذه القافلة كثيرا من المحامين، ومن حركة كفاية، ومن حزب العمل، وعدد من الاشتراكيين، كما أعلنت نقابة الفنانين العرب عن إرسال قافلة أيضا، كما تم إرسال معونات من اللجنة الشعبية الجزائرية، كما تم دخول وفد برلمانى بحرينى أيضا، فضلا عن دخول السيد عمرو موسى، الأمين العالم لجامعة الدول العربية لغزة منذ بداية الحصار.

كما أدى هذا الشحن الإعلامى فى الكثير من دول العالم إلى اعتزام العديد من الدول العربية والأوروبية بإرسال المعونات لغزة، منها على سبيل المثال الأردن، السودان، سوريا، لبنان، النمسا، ومنظمات بالدول الأوروبية، فضلا عن الإعلان عن أسطول حرية 2.

وعلى الرغم من كل المكاسب التى عادت على الشعوب الإسلامية، فالسؤال الذى يطرح نفسه هل سيتراجع الكيان الصهيونى عن مخططه فى هدم المسجد الأقصى؟ وهل سيرفع الحصار عن غزة؟ وماذا على العرب فعله؟





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة