محمد حماد

هوامش على دفتر اغتيال خالد سعيد

الأحد، 13 يونيو 2010 08:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أول الهوامش وأكثرها روعة أن الناس لم تعد تخشى قول الحق، وشهادة الحق، علَّمهم فجور القوة وجبروت القهر أن يتحرروا من الخوف، أن يواجهوا الطغاة، صاحب مقهى النت الذى قبض على الشهيد خالد سعيد منه شهد على ما جرى أمام عينيه، وهى شهادة تقف فى صف الرواية الشعبية للحادث، وتختلف جذرياً مع كلام الحكومة وبيانات الداخلية، المخبران دخلا المكان ثم على الفور قيدا خالد من الخلف وهو لا يعلم ما يجرى خلفه، فحاول التملص من قبضتهما، ضربوا رأسه فى الرخام فخارت قواه، وتدخل صاحب المقهى وأمر المخبرين بالخروج من محله، فخرجا به إلى مدخل العمارة المجاورة وانهالا عليه بالضرب والركل حتى جرى ما جرى.
جارة خالد شهدت أمام أكثر من وسيلة إعلامية بأن خالد كان شديد التهذيب، لا يرفع عيناه فيها وهو يكلمها أو يطلب منها ما يطلبه الجار من جيرانه فى بلدنا، وشهادتها تنفى ما ورد فى الرواية الرسمية التى لم تكتف بموت الشهيد غدراً وتسلطاً واقتداراً بل راحت تغتال سمعته من بعد ما اغتالته هو شخصياً.
شهود كثيرون من جيران المقهى أدلوا بشهادتهم وكلهم أكدوا أن خالد مات وهو بين أيدى وأرجل المخبرين السريين التابعين لقسم سيدى جابر، وأن بعض الدكاترة من الصيدلية المجاورة وبعض المتواجدين على المقهى المواجهة للعقار الذى قضوا على حياة خالد أمام مدخله تأكدوا من موته، وذكروا ذلك للمخبرين اللذين أصرا على أنه يمثل، وقال أحدهم: يموت ويروح فى ستين داهية، حسب شهادة شاب حاول التدخل لمنعهم من استمرار ضربه وهو مجرد جثة هامدة.
هذه الشهادات كلها مصورة بصورة وصوت أصحابها ومنشورة على عشرات المواقع على الشبكة العنكبوتية، رآها عشرات الآلاف ولن يصدق واحد منهم رأى بعينيه شهادات مصورة ما ورد فى الرواية الرسمية جملة وتفصيلا.
وثانى الهوامش أن شهادات الناس الموثقة والمذاعة لن تدع لمحاولات تغييرها أى فرصة، لأن الناس لن يصدقوا شهادتين متضاربتين لشخص واحد، شهادة قالها وسجلت عليه وأذيعت على عشرات الآلاف من الناس، وشهادة يمكن أن تأتى تحت الضغط والتخويف والترهيب والترغيب.
وثالث هذه الهوامش عبارة عن تساؤل برىء للنيابة التى تحقق فى القضية والتى أفرجت عن المخبرين السريين، التساؤل يطرحه الناس ويرددونه فى مجالسهم، وهو: هل استمعت النيابة إلى شهود الواقعة من بين جيران مقهى النت وجيران سكن الضحية، خاصة هؤلاء الذين أدلوا بشهادات لهم عبر وسائل الإعلام ونفوا فيها تفاصيل الرواية الرسمية ونسبوا تهمة القتل للمخبرين اللذين أفرج عنهما لعدم وجود دليل على ارتكابهما لجريمة القتل الوحشية التى تعرض لها خالد سعيد.
أغلب الظن عندى أن النيابة استمعت إلى هذه الشهادات وحققتها، فلسنا نشك ولو لحظة فى أن النيابة العامة يمكن أن تغفل مثل هذا الإجراء وهى تجرى تحقيقها بشفافية ونزاهة وحيدة حرصاً على تحقيق العدالة لجميع المواطنين، ولكننا نطالب الذين نقلوا عن تحقيقات النيابة ما نشروه من اتهامات إلى الفقيد الضحية، أن ينشروا علينا ما جاء فى التحقيقات بخصوص هذه الشهادات وما جاء فيها من تكذيب لروايتهم ضعيفة البنيان والتى لم نر شهادة واحدة تؤكدها أو تقف فى صفها.
هامش آخر على دفتر اغتيال خالد سعيد وهو أخطر مما يمكن أن يتصوره البعض ممن راحوا يكتبون هنا أو هناك حول الحادث، وتبنوا رواية لا يقوم عليها دليل، وراحوا يطعنون فى سمعة الضحية وسموه بشهيد البانجو واتهموه بكل ما فى جعبتهم من اتهامات، وربما نسوا أن يتهموه بالمسئولية عن غرق العبارة وسقوط صخرة الدويقة وحريق قطار الصعيد، لم يفطن هؤلاء إلى ما يمكن أن يحدثه مثل هذا السلوك المستهجن مع ضحية فى قضية لم ينته التحقيق فيها بعد، من ردود أفعال وتوترات ومشاعر غضب تجتاح صدور آلاف الشباب الذى تابعوا تفاصيل القضية لحظة بلحظة وتفاعلوا معها، كما لم يحدث من قبل مع قضية اللهم إلا قضية عماد الكبير، ولقد أحسست بالرعب يركبنى من تعليقات كثيرة غاضبة، ولكن أكثر ما أرعبنى تلك التعليقات التى لم تعد ترى أى جدوى من أى كلام أو أى فعل فى مواجهة ما يجرى إلا بتكوين ميليشيات عسكرية، على حسب نص تعليق أحد الشباب على ما جرى، ولقد ارتعبت من التعليق ومن الاتجاه الذى يمكن أن تأخذنا إليه بعض هذه الحوادث التى تتكرر وأصبحت فوق كل طاقة على الاحتمال.
ولو أنى مسئول فى هذا البلد لتوقفت طويلاً أمام مثل هذه التعليقات التى تكررت بصور مختلفة، وأصبحت تشكل عقيدة كثير من الشباب الغاضب والذى حق له أن يغضب، لابد من وقفة حتى لا نفاجئ من جديد بعودة مصر لا سمح الله إلى دائرة العنف الأهوج، وساعتها لن ينفع الندم، اللهم إنى بلغت، اللهم فاشهد.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة